الأثنين 2018/08/20

خطبة عرفات.. تلميع سلمان وابنه وتهميش كل المسلمين

نحو نصف ساعة استغرقت خطبة عرفة على لسان الشيخ "حسين بن عبدالعزيز آل الشيخ"، واللافت فيها هو غياب أي حديث عن هموم الأمة الإسلامية ولو بالشكل اليسير القليل، بل إن أكثر ما ركّز عليه "آل الشيخ" هو الحديث عن ضرورة الالتزام بالأخلاق والحديث عن الإيمان والعقيدة وأركان الإسلام وما إلى ذلك مما لا خلاف ولا جدال على ضرورة عدم إغفاله وحث المسلمين عليه، غير أن ما يُثيرُ تساؤل ملايين المسلمين.. هو أين هم في خطبة عرفة التي استمعوا إليها، سواءٌ من الذين كُتِبَ لهم الحج أو من الذين لم يُكتب لهم واستمعوا إليها كلٌ في دولته. .؟

رغم الجرح العميق الذي يلفُّ معظم البقاع المسلمة من سوريا والعراق واليمن وفلسطين ومصر ولبنان إلى ميانمار وتركستان الشرقية وغيرها من الدول المسلمة، إلا أن "آل الشيخ" غيَّبَ هؤلاء جميعاً واكتفى بمجرد دعوة عامة للمسلمين ، وخصَّ الذين في الحج بأنْ "يعودوا سالمين غانمين لبلدانهم"، فهل غاب عنه أن الكثير ممن دعا لهم لا يملكون وطناً في الأصل كي يعودوا إليه ؟ . لماذا آثر "آل الشيخ" تخصيصَ الملك السعودي وابنه محمد بالدعاء وأغفل بشكل مطلق تخصيص اسم أي دولة مسلمة منكوبة ؟ لقد تعمق "آل الشيخ" في الدعاء للملك السعودي، وكأنه هو المُفضِّلُ المتكرمُ على ميلونَي مسلم في أداء فريضة الحج، بل طوّع آل الشيخ النص النبوي لما يخدمُ ما يريد أن يستدل به وتجلى ذلك حينما قال بالحرف: "لا تنسوا الدعاء لمن أحسن إليكم كما في الحديث (من صنع إليكم معروفاً فكافؤه فإن لم تقدروا فادعوا له) وإن ممن أحسن للمسلمين من يقوم بخدمة الحرمين الشريفين ويسهر على راحة ضيوف الرحمن وفي طليعتهم سلمان وابنه".

لماذا غيَّبَ آل الشيخ الحديث عن مسلمين لم يستطيعوا أنْ يَحُجوا بسبب تداخل السياسة بالحج واستغلال السعودية لفريضة الحج وتسييسها لما يخدم مصالحها أو نكاية دولة أخرى لا تتوافق مع سياسة السعودية؟، كيف يريدُ "آل الشيخ" من المسلمين أن يُؤمِّنوا على دعائه الذي قال فيه " اللهم بارك في محمد بن سلمان واجعله سببَ خيرٍ للأمة كلها" ؟ ، ونجد في الوقت نفسه أن السعودية تحولت إلى مملكة للخوف والاعتقال التعسفي للعلماء والمشايخ الذين كان آخرهم إمام الحرم المكي الشيخ صالح آل طالب وفق ما ذكر حساب "معتقلي الرأي" وذلك بسبب خطبة له عن المنكرات ووجوب إنكارها على فاعلها.

هل غاب عن "آل الشيخ" حجم التحول نحو العلمنة الذي وقعت فيه السعودية بعد قدوم محمد بن سلمان وسحب البساط من الدعاة والتضييق عليهم وتحديد ما يجبُ أن يُقال وما يُحظَرُ قوله .؟ . هذا على الصعيد الداخلي الهابط الذي تعشيه السعودية بشكل متدرج نحو الأسوأ، أما على الصعيد الخارجي فحدِّثْ ولا حرج . كوارث بالجملة تسبب بها ولي العهد المنفتح بدءاْ من تطبيع مع الدولة الصهيونية وإقرار وتنسيق صفقة القرن، هذا فضلاً عن تعاونه الكبير مع الدول الغربية وتهميش وإغفال الحديث عن أي قضية تخص المسلمين ودعمهم، بل تُسجل له مؤامرات على دول مسلمة مثل تركيا.

حاول خطيبُ الجمعة استغلال هذا الحدث العظيم ليُحذرَ الناس من الخروج على ولي الأمر، وهذا كما هو معلوم ديدنُ الكثير من المشايخ السعوديين، ورغم استدلاله بالنص القرآني المعلوم "وأطيعوا الله والرسول وأولي الأمر منكم" إلا أنه لا يخفى أنَّ ذكرَهُ للآية الكريمة يأتي انسجاماً مع الموقف السعودي من قضايا الربيع العربي وتعزيز الواقع المُضمحل الذي تعشيه الكثير من الدول الإسلامية التي تجد شعوبها اليوم تحت وطأة قمع شديدة وسجون كبيرة في بلدانهم.