الثلاثاء 2017/07/25

“حزب الله” لن يبقى في سوريا و “الأكراد” لن يحكموا الرقة

مثلما الفرق بين اليهود الغربيين الأشكناز، وبين اليهود المزراحيين والسفارديم الشرقيين، هو الفرق بين الشيعة الإيرانيين الساسانيين، وبين الشيعة العرب، ومع أن يهودية الفلاشا لم تغن عنهم في كسب احترام أشكناز إسرائيل، فإن تشيّع عرب العراق ولبنان، لم ولن يغنيا عنهم شيئاً في كسب احترام شيعة إيران.

المكانة الموهومة لحزب الله والحشد العراقي وغيرها من الميلشيات الطائفية عند الإيرانيين، فقط للأدوار التي يؤدونها اليوم كبندقية مأجورة لا أكثر، تتحكم بها إيران بشكل كامل.

ظاهرة حسن نصر الله وحزبه، والعبادي وحشده، والحوثي وأنصاره، سيتبعها ظواهر شبيهة في شرق السعودية، والبحرين، والكويت والإمارات وغيرها، ستستمر إيران في استخدامهم وقوداً وقرابين لمشاريعها التوسعية في المنطقة، لكنهم بعد انتهاء مهامهم سيعود فلاشا الشيعة "أصحابَ المكانة الوضيعة الحقيرة، أهل البداوة شاربي أبوال الإبل"، كما هي الصورة النمطية عنهم في الأدب الفارسي. وحلم الإيرانيين القديم تخريب حضارة دمشق عاصمة الأمويين التاريخية، ومن قبلهم حاضرة قياصرة الروم العريقة أعداء أكاسرة المدائن.

حزب الله اليوم في ضواحي دمشق سيؤدي دوره في قتال معارضي نظام الأسد، وسيدفع الثمن باهظاً، وستستقبل الضاحية الجنوبية المزيد من توابيت القتلى، لكنه في النهاية سيذهب كما ذهب الجعفري والمالكي إلى مزابل التاريخ، سيطرده الإيرانيون من سوريا كما يُطرد الكلب الأجرب، هو بالأصل دخيل وعميل -وغير شرعي-، والرهان على بقائه في سوريا خَيار خاطئ ومُكلف جداً، فالسوريون سيستمرون في قتاله إن بقي، سيعود إلى ضاحيته لاستكمال مسرحية الصمود والممانعة، ولمتابعة الهيمنة على الدولة اللبنانية المغلوبة على أمرها.

خطة الإيرانيين أن يطبقوا على حكم سوريا من خلال العميل الشرعي لهم بشار الأسد، يريدون السيطرة على النظام والدولة معاً، وهذا لا يتسنى لهم إلا من خلال (الدستور والانتخابات والحكم ومكافحة الإرهاب) سلال دي مستورا التي هي صدى الخطة الرباعية الإيرانية الشهيرة.

لن يقيم حزب الله منطقة آمنة خاصة به في سوريا، ولن يبقى منتشرا قرب دمشق، سيعبر الحدود بأوامر إيرانية عائداً إلى لبنان، كما عبرها "جيش الأسد" بعد اغتيال الحريري بأوامر دولية مندحراً إلى سوريا.

بالمقابل.. قوات سوريا الديموقراطية، ميلشيات  "ب ي د" الكردية، قوات الحماية الشعبية، أيّاً كان اسمها، لئلا يكون هناك تعميم في استخدام كلمة الأكراد، هؤلاء مثل "حزب الله" بندقية مأجورة للأمريكيين أولاً، وللروس والإيرانيين وسواهم ثانياً وثالثاً ورابعاً، كعادتهم في اللعب على حبال عديدة.

الأكراد لن يحكموا الرقة المدينة العربية العتيدة، لأمور عديدة، هم بالأصل رفضوا التوجه لها، وماطلوا في ذلك كثيراً بغية التملّص من هذه المهمة، معركة لا ناقة لهم فيها ولا جمل-كما يقال-فلماذا يموت أبناء الكرد في سبيل تحرير مدينة عربية خارج الحدود التاريخية لدولتهم المزعومة، لكنها الصفقة مع الأمريكيين، فدخول الأكراد يسهّل تدمير المدينة، كما دمّر الحشد العراقي الموصل، الرقة واحدة بواحدة مقابل (كوباني) كما ظهر على جدران الرقة.

الأمر الثاني.. "ب ي د" فشلت فشلاً ذريعاً في الإدارة المدنية للمناطق التي وقعت تحت سيطرتها، ولم تستطع إقناع واستمالة النخب الكردية للعمل معها، واضطرت لتوظيف عديمي الخبرة الذين عجزوا عن تقديم أدنى الخدمات اللازمة من التعليم والصحة وغيرها للسكان المحليين، ثم إنهم يعتبرون عند الأكراد أنفسهم مشروع تهجير قسري للكرد قبل العرب، بفرضهم التجنيد الإجباري على الذكور والإناث على حدٍّ سواء. ولعدم تهيئة الظروف والمشاريع الاقتصادية الضرورية لاستقرار الناس، واستمرار حياتهم بشكل طبيعي.

مراقبون غربيون كثر دخلوا مناطق حكم ال "ب ي د"، ورفعوا تقاريرهم للإدارة الأمريكية حول سوء إدارتهم، وتواصلت التوصيات للأمريكيين بعدم تحويلهم من مشروع عسكري فقط، إلى مشروع سياسي، سيكون هذا خطأ تاريخياً لا يغتفر.

والأمر الثالث.. "ب ي د"، متَّهمون في تقارير حقوقية عديدة لمنظمة العفو الدولية ومنظمات أخرى بارتكاب انتهاكات وجرائم حرب وتطهير عرقي وتهجير قسري ضد العرب والتركمان.

الأمر الرابع.. موقف تركيا التي تصنفهم كمنظمة إرهابية، ولن تقبل باحتلالهم للرقة، وهي تعتبر دعم الأمريكان لهذا التنظيم عملاً عدائياً لها.

على هامش هذا الموضوع المفارقة هنا أنه رغم كل هذه العيوب عند ال "ب ي د"، فإننا لا نزال نسمع من المجلس الوطني الكردي مطالبتهم ب ي د، بتطبيق بنود اتفاقية هولير، وإقامة شراكة معهم في مشروعهم هذا. بينما الفرصة متاحة عند المجلس الوطني الكردي اليوم لاتخاذ موقف تاريخي في إدانة أعمالهم وانتهاكاتهم، والالتزام بالخط الوطني للائتلاف ولهيئة المفاوضات، فهم يشكّلون جزءاً أصيلاً ومهمّاً منهما.

عوداً على بدء هذا هو المستقبل السياسي لحزب الله وب ي د، وخلاف ذلك سيكون قنبلة موقوتة، وعامل زعزعة، وعدم استقرار لأي اتفاق أو تسوية دولية يمكن التوصل إليها في سوريا.