الخميس 2018/06/14

ترامب التاجر.. داعم الديكتاتوريات!

تتوالى خيبة أمل الأوربيين من ترامب، بدءاً من الخلاف بين الطرفين حول الاتفاق النووي، وليس انتهاء بما حصل خلال قمة "الدول السبع الكبار"، التي أظهرت فجوة عميقة بين "الحلفاء".

 

قبل خروجه من القمة هدد ترامب الأوربيين وكندا بمزيد من الضرائب على بضائع الحديد والصلب، وعند وصوله إلى سنغافورة للقاء زعيم كوريا الشمالية قال للأوربيين عبر توتير "التغيير قادم"، في إشارة إلى إجراءات ينوي اتخاذها وتغيير مفاهيم التجارة العالمية.

 

وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان -مثل كثير من ساسة القارة العجوز- انتقد سياسة ترامب الخارجية، وقال إن ترامب خلال يوم واحد هاجم رئيس وزراء كندا، وتخلّى عن حلفائه التاريخيين، ومضى إلى معانقة "دكتاتور كوريا الشمالية".

 

كلام وزير الخارجية الفرنسي لعله يعبّر عمّا يدور في أذهان قادة أوروبا، وهم يشاهدون يوماً بعد يوم كيف يغيّر "سيد البيت الأبيض" خارطة الحلفاء والأعداء بسرعة قياسية قائمة على قناعاته الشخصية.

 

ما نريد الوصول إليه أن المشهد الذي انتقده لودريان ليس الأول، ولن يكون الأخير، إذ إن "دونالد ترامب" منذ وصوله إلى المكتب البيضاوي يتعامل مع الملفات الدولية بمنظور تجاري ودعائي بحت، دون النظر إلى عواقب ذلك على المستوى الأميركي والدولي.

 

لا يبدو ترامب معنياً كثير بملفات حقوق الإنسان في الدول التي يتعامل معها، بل إن "حقوق الإنسان" تبدو آخر ما ينظر إليه الرئيس الأميركي الذي يُفترض أنه يتزعّم الدولة المسؤولة عن "نشر تعاليم الديمقراطية"..الدولة التي شنّت حروباً وقتلت مئات الآلاف كي تطبّق مقولات "الديمقراطية وحقوق الإنسان".

 

غابت هذه المفاهيم عن ترامب حين صافح "كيم جونغ أون"، وتجاهل أن الأخير يحكم كوريا الشمالية بقبضة فولاذية تمنع الناس من أبسط ما يمارسه جيرانهم على بعد كيلومترات قليلة في كوريا الجنوبية. لم يناقش ترامب كيم جونغ أون بالتأكيد حول ملف الحريات في كوريا الشمالية، فهذا مما لا يعنيه أمام ما يعتبره إنجازاً عظيماً يتمثل بتخلي بيونغ يانغ عن سلاحها النووي.

 

الأمر ذاته حصل حين جلس ترامب مع ولي العهد السعودي في واشنطن يعدّد المشاريع ويُحصي المليارات، دون أن يسأل ابن سلمان عن القمع في السعودية.. وعن مفكّرين وعلماء وناشطين في حقوق الإنسان محتجزين دون محاكمات ودون تهم واضحة.

 

ما يرسم خارطة التحالفات لدى ترامب هو ما جعله يهدد حلفاءه التاريخيين ويهاجم رئيس وزراء كندا في قمة السبع الكبار، وهو ما جعله يضحك لولي العهد السعودي لدى استقباله في واشنطن. لا مشكلة لدى ترامب في مصافحة كيم جونغ أون أو ديكتاتور فنزويلا "مادورو" أو حتى الجلوس مع بشار الأسد طالما رأى أن المصلحة تقتضي ذلك، ولتذهب شعارات "حقوق الإنسان" إلى الجحيم.

 

ربما يكره العالم ترامب.. وربما يرفع آخرون له القبعة لأنه يكشف يوماً بعد يوم الوجه الحقيقي لأميركا، التي تبيع العالم نظريات ومبادئ وحروباً.. وتشتري المال والقوة.