الأثنين 2017/07/24

اللاهثون وراء “خفض التصعيد” .. “الأحرار” أول ضحاياها

أستانا اليوم -وبعكس ما قال عنها بالأمس كبير مفاوضي جنيف إنها باتت بحكم الميتة- تعتبر رأس القاطرة التي تسير على سكة الحل في سوريا.

الفصائل الرافضة لأستانا بالأمس هي اليوم الفصائل اللاهثة وراءها، بل وتقدم الشكر للفصائل التي سبقتها بالانضمام في رجائها للروس لضمها معها، وهي كانت قبل أيام تطعن فيها لتوقيعها على مبادرة خفض التصعيد.

مناطق خفض التصعيد ..هي الإبداع الروسي الإيراني الذي أوقف جميع المبادرات المطروحة على الساحة، من وقف إطلاق النار الشامل الذي تطالب به الفصائل، إلى المناطق الآمنة، أو حظر الطيران الذي تحدث عنه الأمريكيون والأوربيون في مرحلة ما.

تلك الخطط التي كانت ستؤدي إلى تقسيم سوريا كما حدث في شمال العراق، الأمر الذي يرفضه الروس والإيرانيون والنظام بشدة، فهدفهم استعادة السيطرة على كامل البلاد، وليس شيئاً يسمى "سوريا المفيدة" في الغرب، وأخرى "غير مفيدة" في البادية والشرق، غير المفيدة هذه تحتوي ثروات البلاد النفطية والزراعية والحيوانية والمائية.

الجيش الحر، أو الفصائل المعتدلة هي عدو النظام والروس والإيرانيين الأول، ويجب البدء بتصفيته قبل "المنظمات الإرهابية تنظيم الدولة والنصرة"، هذه "الإرهابية" هي في آخر سلم الأعداء، وهي ليست من مهام النظام، النظام سيطلب لاحقا الدعم والتمويل والتسليح لقتالها كشريك للمجتمع الدولي في مكافحة الإرهاب، تماماً كما فعل العبادي في العراق.

وظيفة التنظيمين ( الدولة والنصرة ) لم تنته بعد، فالجيش الحر لم يخسر الأراضي التي حررها لصالح النظام، خسرها أمام تنظيم الدولة والنصرة وقسد، هؤلاء مثل النظام يعتبرون الجيش الحر عدوهم الأول أيضاً.

خطة مناطق خفض التصعيد ببساطة تعني اختلاط الفصائل مع النصرة فيها، وبالتالي التنافس الشديد على شرعية إدارتها، وتحصيل مواردها: المعابر وغيرها، وبشكل حتمي الاشتباك، والاقتتال لأجلها، والنتيجة محسومة سلفاً للنصرة مقابل شتات الفصائل وانقساماتها.

حركة أحرار الشام كانت أول ضحية، والآن بعد فتح معركة عرسال والقلمون ستنسحب النصرة منها، وتلجأ إلى الغوطة الشرقية أقرب المعاقل إليها جغرافياً، سيسهّل النظام وحلفاؤه ذلك، أو ستكون الصفقة كذلك، تبدأ بعده النصرة بتصفية جيش الإسلام كما فعلت مع الأحرار، وستوضع الغوطة على قائمة مكافحة الإرهاب كما هو حال إدلب اليوم.

حركة خاطفة للروس في الشرق، وتسقط دير الزور بيدهم، بينما لايزال الأمريكيون على خطا الموصل البطيئة في تحرير الرقة، بما يمنح الروس قصب السبق إعلامياً في استراتيجياتهم الناجحة.

عندها لن يكون لجنيف ومفاوضاتها الماراثونية قيمة تذكر، وأستانا هي عاصمة التسوية النهائية برعاية موسكو وإيران سيدتي المنطقة القادمتين، ما لم يكن للثوار وللدول الإقليمية والأمريكيين رأي آخر.