الثلاثاء 2017/02/07

القنبلة الموقوتة .. “العمالة الهندية” في الإمارات

أعلنت بريطانيا في بداية عام 1968م، نيّتها الانسحاب من الخليج العربي، مع نهاية عام 1971، ما دفع "زايد بن سلطان آل نهيان"، حاكم إمارة أبوظبي في ذلك الوقت، بالتحرك سريعاً ؛ لتعزيز الروابط مع إمارات الساحل المتصالح، واتّخذ مع "راشد بن سعيد آل مكتوم" حاكم دبي، الخطوةَ الأولى نحو إنشاء اتحاد يستغل الفراغ الذي تتركه بريطانيا، ويكون قادراً على حماية الثروة النفطية الموجودة في تلك المنطقة.

وفي 1971م، قرّر حكّام ست إمارات من الإمارات المتصالحة، ( هي: أبوظبي، ودبي، والشارقة، وعجمان، وأم القيوين، والفجيرة ) تكوين الإمارات العربية المتحدة. وفي 2 كانون الأول عام 1971م تمّ إعلان تأسيس دولة مستقلة رسميًّا، باسم ( الإمارات العربية المتحدة) وبعد ثلاثة أشهر، انضمّت رأس الخيمة إلى الاتحاد الجديد، وفي تلك الأثناء كان السكان الأصليون في الإمارات يشكِّلون نحو 63 % من مجموع السكان.

لا بد من التوقف كثيراً أمام الرقم السابق .. 63% . لأن دورة سريعة للزمن تركت هذه النسبة أثراً بعدَ عين، خلال أقل من خمسين عاماً على إنشاء الدولة.

تشير آخر الإحصائيات اليوم إلى أن نسبة السكان الأصليين في الإمارات لا تتجاوز 11 % في أحسن الأحوال، بينما تشير إحصائيات أخرى إلى نسبة لا تتجاوز 5 % ، ويبلغ عدد الإماراتيين المرتبة الثالثة أمام نسبة الهنود والباكستانيين الموجودين في الولايات السبع.

العمالة الهندية في الإمارات جعلت بعض مسؤولي ومواطني الدولة ومراقبين، يدقون ناقوس الخطر أمام واقع يأتي بمجموعة حقائق قد يكون بعضها صادماً : 2،600،000 مواطن هندي يعيشون في دولة الإمارات تحت مسمى العمالة الوافدة، مقابل 1،200،000 مواطن إماراتي ! فعدد الهنود أكثر من عدد الإماراتيين بنسبة تفوق الضعف، ما يهدِّدُ بقاءَ الإمارات خلال خمسة أعوام قادمة ، قد تضمحلُّ فيها نسبة السكان الأصليين أكثر فأكثر.

اتهاماتٌ وُجِّهت إلى بعض المسؤولين الإماراتيين ببيع مئات آلاف التأشيرات مقابل أموال طائلة، ما يسلط الضوء من جديد إلى سياسة الإمارات "المقصودة أو غير المقصودة" حول جلب وتوطين العمالة الهندية والباكستانية والفلبينية ، مع استبعاد "مقصود" للعمالة العربية عموماً.

خطورة العمالة الآسيوية ولا سيما الهندية في الإمارات .. تهديد وجودي :

يمسك العمال الهنود في الإمارات بمفاصلَ خِدمية واقتصادية وحتى أمنية ، ما يجعل الوجود الهندي في الدولة، خطراً وجودياً حقيقياً يجري التغاضي عنه.

هذه القنبلة الموقوتة التي لا تهدِّدُ الإمارات فقط، بل تهدد الأمن القومي الخليجي ، يتعدى خطرها إلى هُوية الدولة واقتصادها ولغتها وثقافتها في آن واحد، وتمثل خطراً ينذر بتفتيت الدولة من الداخل ، فهو يشبه عملية القتل البطيء لكيان وتركيبة الدولة والمجتمع.

وباعتبار أن الإمارات تعد النموذج الصارخ الذي يكشف خطورة هذا الملف، نرصد فيما يلي أهم المخاطر التي تهدد وجودها بفعل العمالة الآسيوية ولا سيما "الهندية".

1-خلل التركيبة السكانية:
وتَظهر خطورة هذا الخلل بالفرق الشاسع الذي أوردناه آنفاً حول نسبة السكان الأصليين الذين يبدون في الحقيقة ضيوفاً لدى العمالة التي يستجلبونها.

2- لوبي اقتصادي وجماعات ضغط:
يتندر العرب عادة على الهنود، ومن لم يذهب إلى دول الخليج العربي يظن أن الهنود هم مجرد خدم أو سائقين أو باعة، دون أن يعلموا أن الهنود من أكبر المشغِّلين لمجال التكنولوجيا وسوق المال، مديرون ماليون ومديرو بنوك.

العدد الضخم والقدرات الكبيرة أنشأت مع مرور السنوات جماعات ضغط في الهند وكذلك في الإمارات نفسها، باتت تطالب تارة بتسريع وتيرة التجنيس وتارة بتغيير الدستور، ولا سيما أن قانون الجنسية وجوازات السفر الإماراتي "رقم 17 لسنة 1972" يُجيز بحسَبِ المادةِ الثامنة "منح الجنسية الإماراتية لأي شخص كامل الأهلية إذا أقام بصورة مستمرة ومشروعة في الإمارات الأعضاء مدة لا تقل عن ثلاثين سنة يقضي منها عشرين سنة على الأقل بعد نفاذ القانون".

ورغم أن المجنسين حسب القانون لا يحق لهم الترشح ولا الانتخاب حسب المادة 13 من الدستور، إلا أن تحول الهنود لقوة اقتصادية يمكنهم من تشكيل جماعات ضغط قادرة على تعديل القوانين وكسب امتيازات كي تتم في إطار مساومات وضغوط دولية.

3- مخاوف الهوية والدين والثقافة:
سكان الإمارات الذين أصبحوا أقلية في بلادهم ، مهددون بتبدل ثقافة وهوية المنطقة بعدما انتشرت فيها الكنائس والمعابد والمقابر والمحارق لعشرات الديانات، "ولا يُستبعد أن يتدخل مجلس الأمن –قياساً على ملفات قريبة من هذا - خلال أعوام قليلة ليمنح المقيمين من الآسيويين والغربيين حقوقاً كحقوق الاستعمار قبل عدة عقود، أو على الأقل حقوقاً متساوية مع المواطنين..