الأربعاء 2018/06/20

“القضاء العسكري” في طرطوس يعاقب ضابطاً أصيب بالشلل في إحدى المعارك

مخطئ من يظن أن النار التي فتحها بشار الأسد على السوريين تفرّق بين المعارضين أو الموالين. هذه هي الحقيقة التي حاول مؤيّدو الأسد أن يتغافلوا عنها طيلة سنوات الحرب، بذريعة أنها صراع بين "وطن" وخارجين على "الوطن".

لم يدرك هؤلاء أن النظام الذي دافعوا عنه لا يقيم أي وزن لهم، ولا يعدُّهم سوى وقود في "حربه المقدسة" للبقاء على كرسي الدم.

قصص كثيرة ضجّت بها مواقع التواصل الاجتماعي والصفحات الموالية تناولت تعامل الأسد مع مقاتليه، بدءاً من طريقة مكافأة ذوي القتلى، إلى إهمال المصابين والجرحى. وقد وصل الأمر في وقت سابق بـ"علي شاهين" أو المعروف لدى الموالين باسم "علي عاقل" ببث مقطع على صفحته الشخصية "نشر فيه غسيل" نظامه، متحدثاً عن الفساد والرشوة وهاجم "محكمة الإرهاب" التي حُوّل إليها أخوه وتعرّض للتعذيب إلى أن فقد عقله تماماً.

يوم أمس الثلاثاء ضجّت الصفحات الموالية للنظام بمنشور كتبه ضابط في قوات الأسد، بمثابة "شكوى" أراد إيصالها لبشار، واصفاً نفسه بعبارة "الجريح الشهيد الحي".

الملازم أول "حسن حيدر النجله" الذي قدّم نفسه عبر منشوره بأنه "من أهالي طرطوس – ناحية الكريمة – من مرتبات الكلية الحربية"، روى قصته التي افتتحها بعبارة "أهذا جزائي ؟ .. الشكوى لغير الله مذلة"، وسرعان ما تفاعل مؤيدو الأسد مع المنشور وتناقلوه في صفحاتهم.

يقول "النجله" في منشوره إنه أصيب بطلق ناري في ظهره خلال اشتباك مع "المجموعات الإرهابية" في ريف حلب الجنوبي بتاريخ 2015/11/21، ويتابع.." وبقيت لمدة دون أن يتم إسعافي للمشفى بحجة عدم وجود سيارة إسعاف ..وكان ضمن مجموعتنا المقدم (صلاح عباس) قائد المجموعة، لديه سيارة خاصة به، لم يبادر إلى إسعافي بحجة أن الدولة لا تعطيه وقود للسيارة لإسعاف الجرحى والمصابين رغم إلحاح زملائي المقاتلين".

ويكشف "النجله" أنه نتيجة التأخر بإسعافه وصل الطلق الناري إلى عموده الفقري، ما أدى إلى إصابته بالشلل في الأطراف السفلية، ورميه مقعداً في الفراش.

لم تتوقف قصة "حسن حيدر النجلة" عند هذا الحد، فلدى خروجه من المشفى تخيّل أن في نظامه الذي قاتل من أجله من يدافع عنه وينصفه من الضابط الذي رفض إسعافه، فقام بنشر قصته على "فيسبوك" يشرح فيها ما حصل معه.

اللافت أن الضابط الذي رفض إسعاف "حسن النجله" أقام دعوى ضده أمام "القضاء العسكري"، الذي أبلغ "حسن" بوجوب مثوله أمام المحاكمة .."وصل تبليغ إلى أهلي، وأنا كنت في مركز المعالجة الفيزيائية، ونتيجة وضعي الصحي لم أتمكن من الحضور للمحكمة العسكرية بحمص رغم إبرازي لنسبة العجز 100% وبطاقة الشرف، أتفاجأ بصدور قرار من المحكمة العسكرية بحمص.. الحكم لمدة سنتين قابلاً للاعتراض".

ويختم "النجله" منشوره بعبارة " شكراً لإنصافي - شكراً للعدالة.. هل هذا هو تكريم لمن ضحى بجسده ليبقى وطنه".

التعليقات على المنشور أظهرت استياء كبيراً من مؤيدي الأسد لحجم الفساد في "مؤسسة الجيش"، وبعضهم انتقل "ليلعن هذا الوطن"، وآخرون طلبوا من "حسن" أن "ينسى شكواه ويأخذ حقه من الله"، واللافت أن إحدى المعلقات كتبت بحسرة .."ضيعان هالشباب يروحوا كرمال هيك دولة !".

اللافت أن صاحب المنشور يستجدي ويستعطف ليس من أجل معالجته، فهذا مما لا يكون، بل إنه يطلب "الرحمة" بإلغاء حكم السجن الصادر بحقه رغم أنه مُقعد وعاجز عن الحركة تماماً.

قصة "حسن النجله" ليست الأولى، ولن تكون الأخيرة بالتأكيد، وهي ومثيلاتها تثبت يوماً بعد اليوم أن مفهوم "الوطن" لدى العصابة الأسدية الحاكمة لا تعني سوريا، ولا تعني مؤيدي النظام، بل تعني بشكل خاص "كرسي الحكم"، الذي قتل بشار الأسد في سبيله نحو مليون سوري، ليسوا كلهم من معارضيه، إذ إن قرى وبلدات كاملة في الساحل السوري (الذي يعد الخزان البشري الأكبر لمقاتلي الأسد) باتت خالية من الشباب تماماً.. ومن يعود إليها فهو إما بصندوق خشبي أو معاق متروك للإهمال.