السبت 2018/06/23

العرب وكأس العالم.. تلميع للقاتل وفشل في الميدان !

ربما شكّل تعثر بعض المنتخبات العالمية العملاقة في دور المجموعات من كأس العالم مفاجأة أو خيباتٍ لدى عشاق الساحرة المستديرة، لكن الأكثر إحباطاً في النسخة الروسية من كأس المونديال ظهرت في خروج سريع ومُخجل لأربعة منتخبات عربية عجزت عن اقتناص فوز يتيم في مسيرة المنافسات.

توجّهت أنظار الملايين من العرب ولا سيما في تونس ومصر والمغرب والسعودية إلى روسيا، التي ظهرت مدنها التي استضافت المباريات مراكز للحب والسلام وتقدم البشرية نحو الازدهار. قليل من دار في ذهنهم أن هذه "الدولة العظمى" سعت عبر فعاليات كأس العالم إلى مسح يدها من آثار الدم السوري الذي تورّطت فيه بمشاركتها نظام الأسد في عمليات القتل والتدمير وإنقاذ "سفاح الشام" من السقوط. ولم يلاحظ أحد من المشاركين في كأس العالم أنه في الوقت الذي تقوم فيه الأعراس الكروية بمدن روسيا، يقوم نظام الأسد اليوم بدكّ مدن وبلدات محافظة درعا بالبراميل المتفجرة والصواربخ، بدعم مباشر من فلاديمير بوتين، راعي الحفلة الرياضية العالمية.

نستطيع -نحن العرب- دائماً أن نوهم أنفسنا بتقنية "الفصل" بين الأحداث.. فروسيا قاتلة للشعب السوري نعم، لكن عندما يتعلق الأمر بالمصالح والسياسة والتلميع، فلا علاقة لهذا بذاك. ظهر ولي العهد السعودي إلى جانب بوتين في المباراة الافتتاحية بين المنتخبين الروسي والسعودي، وملأ المكان ضحكات رغم خسارة منتخبه بخمسة أهداف، وخرج بعدها ليقول إن التعاون بين موسكو والرياض أكبر من مباراة كرة قدم.

وهنا علينا أن نسأل بن سلمان.. ما هو التعاون الكبير بينكم وبين روسيا، وهل لدماء مليون سوري ساعدت روسيا في قتلهم علاقة بتلك المصالح؟ وعلينا أن نوضح له كذلك أن المسألة لا تتوقف فقط على "تطبيع" قامت به المنتخبات العربية مع قاتل الشعب السوري، ومع من وقف طيلة سبع سنوات في وجه حقوقهم وكرامتهم المسلوبة، الأمر أقدم من مناسبة كأس العالم، فغالبية الدول العربية تتحدث بلسان المكلوم على الشعب السوري، في الوقت الذي تضع فيه يدها بيد قاتلهم.

العرب لم يفشلوا في كأس العالم على أرض الملاعب فقط، ولم يسقطوا في نتائج المباريات المخزية وحسب، هم سقطوا قبل ذلك بكثير عندما غضوا الطرف عن سوريا.. أكبر النكبات البشرية في الألفية الثالثة، وعندما دفنوا رأسهم في الرمال أمام قضايا فلسطين والعراق والصومال والسودان وسواها الكثير من الملفات التي جعلتهم أمة على هامش التاريخ والجغرافيا والواقع.. فلماذا ينزعج عشاق كرة القدم عندما يجدون منتخباتهم العربية مثاراً للسخرية أمام الشاشات العالمية؟