الأثنين 2017/09/18

السياسيون السوريون حديثو العهد أداة لدثر الثورة

العجيب أن بعضهم أصبحوا يعتقدون أنهم سياسيون بسبب دعوتهم لمؤتمرات واجتماعات من قبل دول عظمى، لكن هل لدينا بالفعل سياسيون يستطيعون مقارعة سياسيّي الغرب والشرق، و لا سيما أن عمر أكبر سياسي في الثورة 6 سنوات سياسية، ناهيك عن كونهم يعتقدون أن باستطاعتهم التفاوض على مستقبل بلد كامل سيعيد رسم الحدود، وهل يوجد أفضل من هذا النوع من السياسيين بالنسبة للدول العظمى لانتزاع تواقيع مطلوبة لدثر الثورة.

في حقيقة الأمر ليس لدينا خبرة في التفاوض ولا في السياسة، ولاحتى في العسكرة، لكن السياسة هي مجال احتمال هزيمتنا فيه أكبر بكثير من احتمال هزيمتنا عسكريا، وهذا الكلام موجه لمن يعتقد أن الحل في سوريا سياسي وليس عسكري.

هناك من يقول، الشعب أُنهك ويريد الأمن والاستقرار، لكن نسي هذا القائل أن النصر صبر ساعة، ونسي أن الشعب في مناطق الأسد يعاني كما يعاني الشعب في المناطق المحررة (للمصداقية تتدرج المعاناة باختلاف المناطق لكن وضع المناطق المحاصرة أفضل مثلا من وضع المعتقلين) لكن مالانختلف فيه هو أن الانهاك الشعبي لن يأتي من يأس الشعب أو رغبته في الاستقرار أو الحوار، بل آت من الفشل العسكري، وشعبنا يدرك أن الفشل العسكري ليس بسبب ضعف قدراتنا العسكرية بل بسبب التخبط العسكري والسياسي والخدمي والفصائلي ؛ فكثير من الناس ترك الجبهات لثلاثة أسباب وهي ضعف التخطيط والقيادة والفصائلية.

أي إن شعبنا فقد الأمل في الفصائل وليس في هزيمة الأسد ، فماعليك إلا زيارة أي قرية في المحرر أثناء سماعهم أخبار أي انتصار على الأسد لتسمع التكبيرات، ولترى المعنويات تعانق السماء، فشعبنا متعطش للانتصارات لا للمؤتمرات.

ننصح سياسيينا أن يقرؤوا التاريخ والجغرافيا جيدا، ليعلموا ماتريده كل دولة في سوريا، فروسيا تريد بقاء الأسد فقط ولهذا وضعت ثقلها في ميزان القوى لترجيح كفته ولن تقبل بأي جسم أو كيان أو فصيل ينافسه أو يشاركه ولو بكرسي وزير الرياضة، بمافيها قسد، أما أمريكا ودول التحالف فلن تسمح لسني أن يحكم إلا تحت كفالة قسدي أو أسدي أو شيعي، وقد استثمرت باللاعبين الشيعي العربي والقسدي ولن تقبل بأي شكل من أشكال المعارضة إلا أن يكون منضويا تحت راية أحد هذين اللاعبين، و أما إيران فترى الأسد حصانا طروادة لابتلاع سوريا وبناء الإمبراطورية الساسانية والانتقام من الشعب لمافعله أجدادهم في تدمير عرش كسرى.

يا أيها السياسيون، يامن تلومونا على نشر خريطة السيطرة في سوريا قبل وبعد أستانا ، التفاوض سيئ، لأن الغرب لايريد معارضة إلا تحت مظلة قسد، والشرق لايريد معارضة إلا تحت مظلة الأسد ، ولن يترك الأسد أي منطقة محررة لتعتقدوا أنها ستكون مكسبا ثوريا، فجميع المكاسب الحالية هي خسائر مستقبلية فور تفرغ الأسد لكم، وما أستانا إلا لشراء الوقت ريثما يسترجع الأسد المناطق والحقول الشرقية، فلا يرغب الأسد بأي طرف حتى قسد في خضم هذه الفوضى العالمية أن ينافسه على شبر أرض أو مقعد سلطة منذ اليوم الاول للثورة السورية، وجميع المكاسب الثورية لم تؤخذ الا بالقوة، فلماذا يعتقد البعض ان الاسد سيقبل مشاركته الحكم او التنازل عنه وهو لم يتنازل في اسوء اوقاته، فلماذا يتنازل في افضل اوقاته؟ بل كيف يعتقد البعض ان الاسد لن ينتقم منهم فرادى وجماعات عندما يحين الوقت وقد يكون صغر سن بعض المفاوضين فوت عليهم قراءة مجازر حافظ الاسد في الثمانينات وسجن ٣% من سكان سوريا، بعضهم سجن لعشرات السنوات فقط لان اخيه او ابنه كان منتسبا للاخوان المسلمين.

انتقام الاسد لن يتضمن من يبقى ثائرا حتى النهاية فقط، لكنه سيعود ليضرب المصالحين لاحقا لانهم تجرأوا على الخروج عليه، ثم الشعب لانه احتضن الثوار ثم المهجرين لانهم هربوا من الدفاع الالزامي عنه، ثم سيضرب حتى الخونة الذين عادوا الى احضانه كعمر رحمون وغيره فالخائن معروف انه لا يؤتمن له. بل سيضرب حتى السنة الموالون له، لانه يعتقدهم قنابل مستقبلية موقوتة. هذا ان استطاع الاسد استعادة سوريا قبل استشراء السرطان الشيعي في جسمها.

إن شئنا او أبينا، لا حل في سوريا الا الحل العسكري، ونحن قادرين على القتال ولاينقصنا سلاح ولا بشر، لكن عقول وقيادات، اما من يريد الاستسلام فلا يذكرنا الا بهذه المقولة:

"الجاهلية الجديدة أسوأ من الجاهلية القديمة، ففي الجاهلية الاولى كان الناس يتبعون دين آباءهم، اما في الجاهلية الجديدة فالناس تتبع دين أعدائهم"