الأربعاء 2018/06/13

السوريون.. الموت والمذلة!

ظهرت خلال الثورة السورية شعارات كثيرة ردّدها المتظاهرون منذ بدء الاحتجاجات على إثر حادثة اعتقال الأطفال في درعا. غير أن "الموت ولا المذلة" هو الهتاف الذي اختصر قصة شعب عاش تحت قمع نظام الأسد عقوداً من القهر والكبت والاستبداد الذي استطال حتى صار أشبهَ بالاستعباد.

"الموت ولا المذلة" كان رسالة صدحت بها حناجر السوريين الذين توقَّعوا من نظام الأسد أن يبطش بهم لأنهم أرادوا شيئاً من حقوقهم، وأمام هذا التوقع قالوا له إنهم يفضلون الموت على أن يعيشوا بالذل والهوان في ظل العصابة الطائفية المجرمة.

لم يكن نظام العصابة الطائفية خارج توقعات السوريين، فهو بالفعل قدّم لهم "الموت" بديلاً عن رفضهم الواقع المُذلّ، وأمام نظام يعرف القاصي والداني حجم إجرامه توقع الثائرون أن ينالوا الحد الأدنى من دعم قضيتهم، للوصول إلى هدفهم المتمثل بالخلاص من هذا النظام.

مارس الأسد وزبانيته كلّ أنواع القتل، ولم يكن الردّ عليه سوى تصريحات وتنديدات ومؤتمرات تعدّدت نُسخُها حتى ضاع العدد بين جنيف وأستانا ولوزان والرياض وسوتشي وغيرها من المواضع الكثير.

لم يكن أمام السوريين سوى الهرب، ومن ثبَت منهم في أرضه كان مصيره التهجير القسري حين فرض نظام الأسد سياسة الحصار والتجويع التي تعرف بأنها من تقنيات الحروب بالعصور الوسطى. النتيجة على أية حال أن السوريين باتوا شعباً مشتتاً في العالم، من دول الجوار إلى ركوب المتوسط للوصول لأوروبا.. إلى دول شمال أفريقيا.

لم يصل الأمر إلى هذا الحد، فلو أن دول العالم التي كذبت على السوريين وخدعتهم أمّنت لهم عيشاً كريماً حين خروجهم من ديارهم لكان الأمر "نصف مصيبة"، لكن الواقع أن السوريين حوصروا من جميع النواحي، وكأن العالم أجمع على معاقبتهم وجعلهم أمثولة للشعوب التي تفكر بالثورة على أنظمتها.

سفر السوريين بات مقيداً بشدة، وإقامتهم في بلدان اللجوء موضوع عليها ألف إشكال وإشكال، ومجرد وجودهم على الأرض بات مصدر إزعاج، وبات إخراجهم من بلد اللجوء برنامجاً انتخابياً في بعض الدول!

قام السوريون بثورتهم كي يتخلصوا من "المذلة"، وفضّلوا فقدان ما كانوا عليه ليحصلوا على الكرامة التي سلبهم إياها نظام البعث الأسدي، والنتيجة بعد أكثر من سبع سنوات على ثورتهم أنهم واجهوا الموت في بلدهم، وواجهوا "المذلة" في بلدان اللجوء، فهل يتخلّص السوريون في المرحلة القادمة من هذا الثنائي المأساوي؟