الثلاثاء 2017/08/08

السعودية والإمارات.. تمهدان للانسلاخ عن الذات

لا ريب في أن المتابع لتفاصيل حصار قطر من قريب أو من بعيد من قبل الحلفاء الأربع، يشاهد الانقلاب الجذري في النظرة الجديدة لساسة وخبراء وإعلاميِّي دول المقاطعة، على الأقل إلى محيطهم الإقليمي، وبالأخص مع الاحتلال الإسرائيلي، والعدو الإيراني، وكذلك أذناب طهران في المنطقة العربية، ناهيك عن الدعوات الداعية لعلمنة دول الخليج.

إليكم أربعة وقائع حصلت على مدار شهرين من مقاطعة قطر آثارت ضجة عربية على مواقع التواصل الاجتماعي.

الأولى:

* إجراء القناة الإسرائيلية الثانية في 5 حزيران الماضي، مقابلة تلفزيونية من مدينة جدة السعودية عبر سكايب مع عبد الحميد حكيم، مديرِ معهد أبحاث الشرق الأوسط في جدة، التي تعد هذه أول مقابلة تلفزيونية يشارك فيها ضيف سعودي مع قناة إسرائيلية وتناولت المقابلة، التي أجراها إيهود إيعاري محرر الشؤون العربية بالقناة الإسرائيلية الثانية، حول موضوع مقاطعة قطر، وقال حكيم وقتها "إن الدول التي قطعت علاقاتها بقطر فعلت ذلك من منطلق انتهاج سياسة جديدة لا مكان فيها لما سماه الاٍرهاب، وأن الوقت قد حان لشرق أوسط جديد يقوم على المحبة والسلام والتعايش ونبذ الكراهية والعنف والتشدد".

الثانية :

* إجراء زعيم التيار الصدري في العراق مقتدى الصدر مباحثات مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في جدة، أواخر تموز الماضي، اعتبرها حينها مكتب الصدر "انفراجة إيجابية في العلاقات السعودية العراقية"، علماً أن الصدر يتزعم التيار الصدري الذي يشغل 34 مقعداً بالبرلمان العراقي ولديه جناح مسلح يحمل اسم "سرايا السلام"، وهو أحد فصائل الحشد الشيعي، الذي طالما وصفته السعودية بأنه تشكيل إرهابي.

الثالثة:

*قول السفير الإماراتي في واشنطن يوسف العتيبة، أواخر تموز الماضي، إن ما تريده الإمارات والسعودية والأردن ومصر والبحرين للشرق الأوسط هو "حكومات علمانية"، وهو ما رآه السفير أمراً يتعارض مع ما تريده قطر.

الرابعة :

*لقاء وزيري الخارجية السعودي عادل الجبير والإيراني محمد جواد ظريف، على هامش مشاركة الوزيرين في اجتماع منظمة التعاون الإسلامي في إسطنبول بتركيا، في مطلع آب الجاري، وعرض التلفزيون الإيراني الرسمي صورا للقاء، موضحاً أن الجبير هو من بادر بالتوجه إلى ظريف وسلم عليه، وبعد السلام اقترب أكثر واحتضنه واستمر اللقاء نحو دقيقة ودّية تخللها حديث في أمور شخصية.

الخامسة:

*قرار الاحتلال الإسرائيلي، في 7 آب الجاري، إغلاق مكتب قناة الجزيرة في القدس المحتلة وسحب اعتماد صحفييها، أسوة بما "فعلته دول عربية سنية معتدلة"، علماً أن السعودية والإمارات والبحرين ومصر والأردن قامت بإغلاق مكاتب قناة الجزيرة ومنع بثها وحظر مواقعها وتطبيقاتها الإلكترونية.

أمام هذه الوقائع الخمسة نستخلص أن أيام الأزمة الخليجية كشفت مستور ما تعيشه النخب السياسية والرسمية في السعودية والإمارات من حالة التخبط وضياع في الهوية، وتضارب في الآراء، وأنهم مستعدون أكثر من أي وقت مضى للتحالف مع "العدو التقليدي"، ما يؤكد أن السعودية والإمارات باتتا اليوم أقرب للانسلاخ من جلدها الذي كانت عليه قبل اندلاع الازمة الخليجية، والدخول في مشاريع وتحالفات بدأت تمهد لها، تظهرها على أنها مركز خصب لرعاية السلام ومكافحة الإرهاب، حتى لو كان على حساب التخلي عن الثوابت العامة والخاصة.