السبت 2017/11/18

“الرياض 2 “.. كيف ستعزز السعودية نفوذ إيران من حيث أرادت تحجيمه !

تتزامن كثرة التنبؤات عن أن السعودية تريد نقل معركتها مع إيران إلى المناطق الخاضعة للنفوذ الإيراني كلبنان في الوقت الذي تحضر فيه السعودية لمؤتمر ما عرف بالرياض 2 حول سوريا.

وبمجرد إلقاء نظرة سريعة على فحوى ما تريد السعودية فرضه على المعارضة السورية في مؤتمر الرياض 2 يلامس المتابع فساد عقول السعوديين وبلاهتهم في قضية التعاطي مع تمدد إيران التي لا تزال تقدم الدعم النوعي لمليشياتها الحوثية في اليمن حتى وصل تهديدها إلى داخل المدن السعودية الرئيسية كالرياض مثلاً، فيما لا يزال التحالف "السعودي الإماراتي" عاجزاً عن استرجاع مواقع الحوثيين ولا سيما مع تركيز الإمارات على المناطق الجنوبية الخاضعة لحكومة هادي وتركها السعودية بمواجهة مفتوحة.

مؤتمر الرياض اثنين لن يكون كما الرياض واحد، فطريقة تفكير ولي العهد محمد بن سلمان ليست كطريقة أبيه أو عمه، فهو يبدو أسوأ منها بكثير، ففي عهده قُلبتْ أحاديث الجبير رأساً على عقب بعد أن كنا لا نسمع منه إلا اعتياد القول إن على الأسد أن يختار طريقة رحيله إما سياسياً أو عسكرياً في نغمة رغم فقدانها الإيقاع لكنها كانت تعكس الموقف الرافض للأسد، ليعزف اليوم الجبير على نفس الوتيرة الروسية التي تقول إن الأسد يجب أن يبقى ويحق له الترشح بالانتخابات الرئاسية.

ومنذ إبلاغ الجبير بالموقف السعودي الجديد للمعارضة السورية أن عليها أن تتقبل فكرة بقاء الأسد دعاها إلى أن تتحضر لعقد هذا المؤتمر الذي سيكون هدفه الأبرز إدخال منصات تعتبر معارضة للمعارضة السورية وأقرب إلى النظام وروسيا بآلاف الأميال منها إلى المعارضة وتطلعات الشارع السوري الذي ضحى ما ضحى في سني الثورة.

بحسب آخر المصادر الموثوقة من داخل المؤتمر فإن مجموع المدعوين ١٤٤ شخصية احتفظت السعودية بحق دعوة ٧٠ شخصية على مزاجها، ما يعني أن أي تصويت سيكون لصالح أي "مشروع سعودي" فيما تضع السعودية في واجهة إرسال الدعوات "محمد علوش" في الوقت الذي يدير عملية مؤتمر الرياض 2 برمتها "موظف سعودي" في الخارجية يدعى "أحمد الشيخ" وهو على ما يحمله من فساد له علاقة وثيقة بابن زايد المقرب من نظام الأسد.

سيسعى الرياض 2 إلى إجبار الهيئة العليا للتفاوض على التخلي عن منسقها العام رياض حجاب صاحب الموقف العنيد الصلب ضد فكرة بقاء الأسد والاحتلالين الروسي والإيراني بسوريا وذلك تمهيداً لدخول "معارضة مفصلة" على مقاس تطلعات بن سلمان، أي استبعاد المقربين من تركيا وقطر ليذهب بعدها الوفد ليفاوض في جنيف وأستانا وربما سوتشي على ما تريد روسيا فرضه من فكرة بقاء الأسد وحقه بالترشح لانتخابات رئاسية، فيما تواصل ألاعيبها بفكرة الحديث عن الدستور وسلال أخرى، أي أن تلك المعارضة المُصنعة في الرياض والتي ستكون على مقاسات سعودية وروسية كذلك.. ستذهب إلى وفد التفاوض خانعة تقبل بكل ما يملى عليها من قرارات لا تتماشى إطلاقاً مع ما يطمح إليه السوريون.

كل ذلك يأتي استرضاء لروسيا في سبيل وقوفها إلى جانب السعودية في فكرة إخراج المليشيات الإيرانية من سوريا وتحجيم النفوذ الإيراني بسوريا ، أيْ بمعنى آخر إن السعودية تريد المساومة على بقاء الأسد مقابل طرد مليشيات إيران من سوريا، وهنا تكمن البلاهة السياسية بحد ذاتها ، فكيف ستخرج إيران من سوريا بالتفاهمات السياسية بعد أن تغلغلت في العمق السوري وبات لها عشرات آلاف المقاتلين يقاتلون تحت تغطية الطيران الروسي، بل حتى مشاهد اللطميات باتت اعتيادية في قلب دمشق، هل تظن السعودية أنها ستنجح بضم روسيا إلى حلفها إن قبلت بفكرة بقاء الأسد ! ؟ .. يبدو أن السعوديين المقربين جداً من الأمريكيين أغمضوا أعينهم عن العلاقة الوطيدة التي تتمتع بينها إيران وأمريكا رغم ما يعتريها من مناوشات إعلامية، هل نسيت السعودية أن إيران وصلت الهلال الشيعي بمساعدة من الطيران الأمريكي، إنْ كان حقاً الروس سيقفون بجانب السعودية إن أبقت على الأسد وضغطت على المعارضة فأين هي الولايات المتحدة مما يجري في اليمن؟ هل تدخل الطيران الأمريكي يوماً ما ونفذ غارة جوية على مناطق الحوثيين؟ أين هي الولايات المتحدة من توغل مليشيا حزب الله العلني بسوريا؟ ما تفسير الفتور الأمريكي من قضية الحرب القريبة على حزب الله ؟ كل تلك الأسئلة تنتظر إجابة من السعودية التي ستعسى بيدها إلى تعزيز نفوذ إيران من خلال مواصلتها إضعاف المعارضة السورية سياساً وعسكرياً وتقوية فكرة بقاء الأسد الذي يعد خادماً محبوباً للوليّ الفقيه يأتمر بأمره وينتهي بنهيه !