الأثنين 2017/08/14

الدفاع المدني عدو الأسد اللدود.. لماذا ؟!

يومٌ من أيام الثورة السورية المباركة رحيلُكم يا أصحاب الخوذ البيضاء، يوم أراد الحزن في 12 من آب2017 أن يجعل من حادثة اغتيال سبعة عناصر من الدفاع المدني في مدينة سرمين بإدلب، على أيدي جناة مارقين، أن يكشفوا للبشرية جمعاء أن العمل الإنساني عدو للطغاة والدكتاتورية وأن من يحمل اللمسة الحانية في زمن الحرب يجب أن يموت قبل أن يكمل المهمة.

لم يكن ترشيح "الخوذ البيضاء" لنيل جائزة نوبل للسلام عام 2016، التي لم يفوزوا بها، إلا بمثابة زلزلة لعرش بشار الأسد الذي "سخر" في 22 أيلول2016 ضاحكاً من منظومة الدفاع المدني، أثناء مقابلة أجرتها معه وكالة "أسوشييتد برس" بدمشق، حينما سأله مراسلها عما إذا كان يقدّر عملهم واندفاعهم إلى موقع الحدث وتقديمهم تضحيات لمساعدة الناس وإنقاذ حياتهم مهما كان، أجاب: بأنها "تنفِّذ أجندات معينة"، بعد تهرّبه من السؤال مرتين، لكنه خلال لقائه بوفد برلماني روسي أظهر مدى حنقه وخوفه منهم بقوله إن "منظمة الخوذ البيضاء التي تدعي حماية المدنيين في سوريا هي جزء من تنظيم القاعدة".

أمام هذا المقارنة بين نظرة الدول الغربية إلى متطوعي الدفاع المدني على أنهم "أبطال حقيقيون" هاجسهم الأول والأخير إنقاذ أرواح المدنيين من القصف الجوي والمدفعي لقوات النظام والاحتلال الروسي والتحالف الدولي، والمليشيات الكردية الانفصالية، وبين نظام الأسد الذي يصنفهم على أنهم "إرهابيون"، ضارباً بعرض الحائط ما حصلوا عليه من إشادة عالمية بعدما تصدرت صورهم وسائل الإعلام حول العالم وهم يبحثون عن عالقين تحت أنقاض الأبنية أو يحملون أطفالاً مخضّبين بالدماء إلى المشافي.

لكن لو أن أصحاب الخوذ البيضاء "إرهابيون" كما يشيطنهم نظام الأسد لما منحوا جائزة "رايت لايفليهود" المعروفة باسم جائزة نوبل البديلة، لمن يعملون في مجالات حقوق الإنسان والصحة والتعليم والسلام.

أمام هذه المعطيات أودّ أن أقول إن استهداف عناصر الدفاع المدني بهذه الطريقة البشعة لدليل صارخ لا يدع مجال للشك أن وراء هذه الحادثة أصابعَ مخابرات الأسد ومن يقفون خلفه، أرادوا أن يوصلوا عبر حادثة الاغتيال هذه رسالة إلى كل من يقف مع الثورة السورية أنهم مستهدفون، وأنهم في خانة واحدة، حتى من يقومون بعمليات إنسانية لا دخل لهم بالسلاح ولا بأي نشاط سياسي.

وهذا ما يدفعنا للوقوف عند حجم تمادي المجتمع الدولي في السماح لنظام الأسد العبث أكثر بسوريا، وإطلاق العنان له بالتغوّل أكثر بدماء السوريين بلا رقيب ولا حسيب، ما يفتح الباب أمام سؤال عريض يجب أن نعيه نحن كشعب ثائر ضد نظام الأسد وطغيانه، أن من يدعون حماية حقوق الإنسان والإنسانية تركونا وحيدون أمام فم الأسد، وهو ما يفرض علينا إعادة التكاتف صفاً واحداً لمواجهة عنجهية النظام وممارساته التي لن تتوقف حتى اقتلاعه من جذوره.