الأربعاء 2016/09/07

الإسلام الجديد بين غروزني والسعودية ستار بروح روسية

مع تزايد التنظيمات المتطرفة التي راحت تتخذ من الإسلام سلماً تتسلقه أوعباءةً تستتر بها في ظل واقع أشبه بسلسلة من التطورات التي تكاد تطغى على المشهد الإسلامي تاركة الباب مفتوحاً أمام جميع المنظرين الذين يحاولون الولوج إلى صلب الواقع الإسلامي؛ فكانت الانطلاقة من العاصمة الشيشانية غروزني التي شهدت مؤتمراً حمل اسم "من هم أهل السنة" الذي تبنى رفض الصراعات المذهبية لأهداف سياسية بين أبناء المجتمعات الإسلامية.

المؤتمر ومخرجاته المتمثلة بالبيان الختامي أثار نقاشات واسعة وردود أفعال خصوصاً من جانب هيئة كبار العلماء في السعودية التي بدورها عبرت في بيان لها عن استيائها من مخرجات المؤتمر محذرة من إذكاء النعرات والفرقة بين الفرق الإسلامية.

الإسلام الجديد ربما يكون العنوان الأنسب للمحور الرامي إلى إبعاد السعودية عن المشهد الديني خاصة وإن العناوين الأبرز لمؤتمر غروزني كانت تتمحور حول استرداد مصطلح أهل السنة الذي حاول المتشددون اختطافه وتحريفه وحصره على جماعاتهم وتشويهه بتصرفاتهم وتلويثه بالدماء المعصومة التي يسفكونها.

محاور عديدة تدل على المحاولة الرامية إلى إبعاد المملكة العربية السعودية عن المشهد الديني ولاسيما أن المؤتمر أستثنى منه علماء السعودية وهو ما اُعتبر خطوة لسحب المرجعية السنية من المملكة والازاحة للسلفية السعودية خارج مفهوم أهل السنة الأمر الذي قد يشكل شرخاً واسعاً في الهيكلية التي قام عليها الفكر الإسلامي وكان مرجعية وركيزة أساسية للعديد من القضايا والمفاهيم السائدة في العالم الإسلامي.

نقطة مثيرة للاهتمام لابد للقارئ من الوقوف عندها والتمعن بها جيداً حيث إن المؤتمر انعقد في مدينة غروزني عاصمة جمهورية الشيشان التابعة لروسيا الاتحادية وهذا يدعو للتمعن أكثر من اللازم والتمحيص في ثنايا المؤتمر وابعاده الدينية والسياسية؛ ففي الوقت الذي كانت كلمات أعضاء المؤتمر تنال من علماء المسلمين من أهل السنة والجماعة ودعاة التوحيد كانت الصواريخ الروسية تُقصف على رؤوس أهل الشام في سوريا والجدير بالذكر أنه لم يصدر أي شيء في المؤتمر يندد بجرائم روسيا الشنيعة.

تساؤلات عديدة وعلامات استفهام توضع أمام راعي المؤتمر وهو رئيس جمهورية الشيشان رمضان قاديروف المعروف بولائه التام للرئيس الروسي فلاديمير بوتين لا بل ذهب أبعد من ذلك حين سطر على صفحته في الفيس بوك بأنه جندي من جنود بوتين وإنه وجنوده مستعدون أن يضحوا بحياتهم من أجل بوتين إلا أن السؤال الأهم هل يعي المؤتمرون حقيقة هذا الرجل.؟

معادلة واضحة تستحق البحث والتمعن جيداً فروسيا التي تمعن القتل بالمسلمين من أهل الشام لا يمكن أن تكون راعية لمفهوم الإسلام الجديد الذي يتستر بستار مؤتمر غروزني الذي جاء في ظل واقع صعب تعيشه الامة وقد تكالب عليها أعداؤها من كل حدبٍ ، كي يضربوا أهل السنة ليتفاجأ العالم الإسلامي من قلة محسوبة على العلم الشرعي لا يمثلون إلا أنفسهم يجتمعون تحت راية هذا المجرم لا ليعظوه ولا ليحذروه من انتقام الله له في تأييد سيده بوتين ولا ليدعوه إلى توحيد المسلمين ضد صليبية الروس ونصيرية الأسد وصفوية إيران وطائفية حزب اللات؛ لا بل ليكرسوا الخلاف بين المسلمين حتى في هذه الظروف العصيبة التي تمر بها الأمة وهدفهم في ذلك البعث على الشك والريبة وإظهار المفهوم الإسلامي الجديد وفق منهج مسيس بعيد كل البعد عن المفهوم السائد بين المسلمين فمن يقلب صفحات التاريخ يدرك جيداً واقع الأمة فالعقل العربي لا يمكن أن يتقبل مفاهيم مؤدلجة وفق أطر سياسية لصالح أهداف بعينها وهذا ما يدفع إلى الابتعاد عن أي فكر أو مفهوم يمهد لواقع جديد لا يتماشى مع مفاهيم الأمة العميقة. فكيف يمكن الوثوق بمفهوم إسلامي جديد ترعاه روسيا الاتحادية ولو كان بستار شيشاني محسوب على الإسلام.؟