الأثنين 2017/07/10

ارقعي “ثقب الأوزون” يا قطر !

نحن كسوريين اعتدنا منذ الصغر على الطريقة التي كان نظام البعث يُرينا بها الدنيا كما يشاء طغمة الأسد، مناهجُنا ورياضتنا وثقافتنا بل وديننا كنا نتلقاها من منظار واحد، لكن البارز في ذاكرتنا وحاضرنا هو طريقة تعاطي وسائل إعلام النظام مع أحداث المنطقة والعالم، حيث يكون الكذب والتزوير والتلفيق طابعاً مميزاً لا يخلو من الوصول إلى حد الكوميديا السوداء.

كنا نحسب حتى وقت قريب أن نظام الأسد فريد دهره في هذا الكذب والتلفيق والتزوير، حتى أطل علينا زمن قادت فيه الإمارات ومن ورائها السعودية حملة الثورات المضادة في الوطن العربي، وإذا بنا نشاهد على وسائل إعلام هاتين الدولتين ما يشيب النواصي ويجعل الحليم حيران، ففي تلك القنوات بات اسم الانقلاب الدامي الذي قام به السيسي "ثورة يوليو"، وكل من رفض الانقلاب على الشرعية "إرهابياً" ، وصار اسم عصابات حفتر في ليبيا "جيشاً وطنياً" ومن قادوا ثورة ليبيا "متطرفين" ! على وسائل الإعلام تلك اختلط الحابل بالنابل وتكلم الرويبضة وصار الحق باطلاً والباطل حقاً.

أزمة قطر ..الكاشفة:

رغم المعطيات التي وردت على عجالة إلا أن قسماً لا بأس به من الجمهور العربي كان ينظر إلى وسائل الإعلام تلك بعين المستريب الذي يحتاج أدلة أوضح حول تورط الأنظمة التي وراءها بكِفل كبير مما يحصل في عدة بلدان عربية، وبقي الأمر كذلك حتى أيقظت أبو ظبي والرياض فتنة الخليج التي بدأت فصولها قبل نحو شهر ونصف ولما تنتهِ بعد.

بشكل مفاجئ وغير مسبوق شنت وسائل إعلام السعودية والإمارات (التي كانت محسوبة على التيار الليبرالي غير الرسمي بنمط يدعي المِهنية ) حملة مسعورة ضد قطر؛ حكامِها وشعبها ومؤسساتها ومثقفيها وتاريخِها ودورها الإقليمي. بدأنا نكتشف فجأة عن طريق قناتي "العربية وسكاي نيوز عربية" أن قطر مسؤولة عن الإرهاب في سوريا وليبيا ومصر والعراق ودول أخرى لم أعد أحفظ أسماءها، ظهرت قطر على حين غِرة "شيطاناً رجيماً" يكره أن يرى الابتسامة على وجوه العرب! وبشكل كوميدي صارت تلك القنوات تروّج ضد قطر ما ينتقل ببساطة من إطار الحرب الإعلامية إلى إطار الاستخفاف بعقلية المشاهد العربي.

في الأمس استوقفني خبر على إحدى تلك المحطات المضحكة المبكية يقول إن قطر مسؤولة عن الفتنة التي ألمَّت بالعراق، ولذلك سيرفع شيوخ قبائل في محافظة الأنبار ضدها دعوى قضائية، وحينها خطرت في ذهني "قناة الدنيا" التي كانت عندنا سقفاً لا يُدانى في بث الأكاذيب إلى درجة الإضحاك..نعم ..ضحكتُ كثيراً من هذا الخبر ، مر أمام عيني أكثر من مليون عراقي قتلتهم أمريكا وبريطانيا تحت ذريعة وكذبة أسلحة الدمار الشامل عام ٢٠٠٣.. وتذكرت جرائم فرق الموت الطائفية التي جندها مقتدى الصدر وجبر صولاغ الزبيدي و عبد العزيز الحكيم ، تلك الفرق التي قتلت آلاف العراقيين على الهوية ذبحاً وحرقاً وتعذيبا.. مرت بذهني كذلك صور سجن أبو غريب التي نسيها العالم رغم أنها تمثل قمة الإرهاب من دولة ترفع اليوم لواء الحرب على الإرهاب، مر كل ذلك ببالي وأنا أضحك ..لأن ما ذكرتُ صار نَسياً منسيّاً، وباتت قطر هي المسؤولة عما مر ببلد عاثت فيه إيران فيه فساداً وقتلاً وتخريباً وتدميراً ممنهجاً بعد أن استلمته من أمريكا على طبق من دم ..هدأت الضحكة والأفكار ، ومر بخاطري أن تلك القنوات قد تحاسب قطر يوماً ما على دورها في مجاعة الصومال والحرب في كشمير بين الهند وباكستان، وأنها هي من تمول التجارب الصاروخية لكوريا الشمالية، وأنها هي التي وعدت اليهود بإقامة وطن قومي في فلسطين، وأنها سهلت لإيران احتلال أربع عواصم عربية ... بل يمكن أن يصل الأمر إلى دورها في الاحتباس الحراري بالأرض، وعلى ذوبان الجليد في القطب المتجمِّد والذي يهدد بهجوم المياه على اليابسة، وعلى التصحر، وعلى انقراض قسم كبير من الكائنات ..ثم قفزت من مكاني حين تذكرت ثقب الأوزون ..معقول ! هل يمكن أن تكون قطر مسؤولة عن هذا الثقب اللعين الذي نسمع به ولا نعرف ماذا يعني ؟؟ يجب أن أقدِّم لأمراء قطر نصيحة غالية ..نعم نعم ..يجب لأحد ما أن يوصل رسالتي قبل أن يُكتشف الأمر ..أوصلوا لقطر رسالتي على عجل قبل أن يفوت الأوان ويتهموها ..بادري إلى إصلاح الأمر بطريقتك الخاصة ..وارقعي "ثقب الأوزون" يا قطر !