الأحد 2018/07/15

ابنا سلمان وزايد.. صناعة الفوضى والمؤامرات

كل شعوب الأرض تسعى للاستحواذ والسيطرة و بناء أمم عظيمة، واستعادة أمجاد قديمة؛ لبسط النفوذ على العالم بأكمله، لتتحكم بمقدرات ومصير البقية وفق رؤيتها.  فبينما تمتلك أمريكا اليوم مفاتيح القوة في العالم وتهيمن على جميع الدول التي تتحرك وفق رؤية إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تتطلع روسيا لمجابهتها وبناء قوة تساويها، لسحب القوة إليها بعد فقدانها غداة سقوط الاتحاد السوفييتي و مرورها بسنوات ضعف لم تكن قادرة على مجابهة الولايات المتحدة. وذلك من خلال تشكيل تحالفات دولية وتجميع الدول التي تساندها في قضاياها إلى صفها،  أما الدول الأوربية فهي قوية ومتحدة ولن يقوى أحد عليها نتيجة الطاقات التي تمتلكها و التطور التكنولوجي و العسكري.

وفي الشرق الأوسط،  تقوم بعض الدول بمحاولات لبناء بلدانها؛ لاستعادة بريق الماضي، وتعمل بجدٍّ لتكبُر وتصبح في مصاف الدول العظمى من خلال المشاركة في حروب وأحلاف سياسية واقتصادية وعسكرية هدفها استعادة شيء مما كانت عليه قبل سقوط ممالكها الماضية.

تركيا التي حكمت مساحات شاسعة من العالم في ماض ليس ببعيد، تقوم اليوم باستقطاب المضطهدين والمقهورين، وتساند قضايا الشعوب الثائرة للحرية و الكرامة في جميع الدول، وتحاول تأمين الجميع  في أراضيها، وهو ما يجعل منها ملاذًا للمظلومين الذين لن يبخلوا بردّ الجميل لتركيا ولشعبها الذي احتضن ملايين اللاجئين، وعاملهم كضيوف مرحّب بهم في هذا البلد. وبنفس الوقت، تتطور الصناعة التركية شيئاً فشيئاً على جميع الجبهات، فمن الأغذية، إلى الألبسة، مروراً بالصناعات الكهربائية، إلى أن وصل بها الأمر عسكرياً لصناعة الطائرات والفرقاطات والمعدات العسكرية؛ لتأمين تسليح ذاتي لها يقوّي من شوكتها ويمنع تحكم الغرب بها ويضعها في مصاف الدول المصدّرة للسلاح.  وبينما تقف تركيا مع الشعوب ومع قضاياهم، تظهر قوة أخرى على الساحة الإقليمية، تحاول استرجاع القوة والتحكم بالمنطقة بأسرها، ألا وهي إيران الماضية قدُماً في حُلمها باستعادة دولة فارس، التي انتهت على يد الخليفة الراشدي "عمر بن الخطاب"، ويحاول خامنئي المرشد الأعلى استقطاب ملايين الناس تحت مظلة التشيّع، وهو الشيء الذي مكّنها من تجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين في دول عربية، غالبيتها من أهل السنة.

وتعمل هذه المليشيات صباح مساء بتوجيهات من طهران على زيادة قوة إيران، فاليوم تسيطر المليشيات الشيعية على أربع عواصم عربية، وتثير الفوضى فيها، ففي سوريا يوجد مليشيات فاطميون وزينبيون والنجباء وأبو الفضل العباس، والكثير من المليشيات الأخرى التي تدعي حماية مراقد الشيعة، لكنها بالفعل تسيطر على الدولة بشكل كامل، بينما أصبح رأس النظام "لعبة" في يدها وكذلك في العراق تسيطر إيران على "الحشد الشعبي"، و "الجيش العراقي"، وعلى الساسة العراقيين الذين يظهِرون الولاء للولي الفقيه، ويتحركون بإمرته، وفي لبنان تتحكم مليشيات حزب الله بالمشهد العام، وصبغوا البلاد بصبغة طائفية، وهو ما ظهر جلياً للعيان بعد الانتخابات الماضية، وخروج مسيرات لأنصار حزب الله تهتف وتهلل بأن بيروت أصبحت شيعية، وفي اليمن، يستمر عبدالملك الحوثي بحربه مع السعودية التي لم تستطع منذ أكثر من سنتين، القضاء على مليشيات تستهدف مدنها ليل نهار بصواريخ إيرانية.

البلدان العربية، لم تكتفِ بالنوم والاكتفاء بالتفاخر بأمجاد الأجداد ، بل يعمل بعض حكامها بكل طاقاتهم لتدمير الشعوب، وبيع الأرض، ومحاربة كل من يطالب بالحقوق والحريات، فمن يدعي اليوم حمل راية الأمة العربية والإسلامية، ويصور نفسه القائد لمسيرتها، هو نفسه من يعمل على خرابها، فمحمد بن سلمان الذي يتصدر أغلفة الصحف والمجلات، ومواقع التواصل الاجتماعي، و شاشات التلفزة، إضافة إلى آل زايد في دولة الإمارات، يقومون بأعمال لم يستطع أوقح الخونة فيما مضى فعلها؛ فاليوم تباع القدس جهاراً نهاراً على مرأى ومسمع كل الشعوب والحكام بما يسمى "صفقة القرن"، وهم في نفس الوقت يستمرون في حصار دولة قطر؛ لتعاونها مع إيران حسب زعمهم، بينما يستضيفون هم الإيرانيين والشركات الإيرانية، وأضف إلى ذلك أنهم يدعمون أي انقلاب، و حالات الفوضى في الدول العربية والإسلامية، وينفقون أموالهم في تدمير الشعوب الناضجة، وبث الفتن، ودعم العسكر؛ للاستيلاء على السلطة، كما في مصر من خلال دعمهم السيسي ودعم حفتر في ليبيا.

تصب إيران كل طاقاتها، وأموالها؛ لبناء دولة قوية قادرة على استعادة أمجاد غابرة من خلال تجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين؛ للمحاربة بالوكالة عنها، بينما تستمر السعودية والإمارات باستهتار تام بإنفاق الأموال على خراب و دمار أمة كانت خير أمة أخرجت للناس.