الجمعة 2018/03/02

إننا القوة الصاعدة التي تبني التاريخ.. وسيرانا العالم مرة أخرى


المصدر : يني شفق


ما دمنا نتعرض ل "هجمات دولية" فليس أمامنا خيار آخر سوى تشكيل جبهة أو جبهات دولية كذلك. وما داموا يأتون إلى بلادنا ومنطقتنا تحت عباءة "ائتلافات" و "تحالفات" فليس أمامنا خيار آخر سوى إنشاء "الائتلافات" و "التحالفات".

وما دام كانت أحداث 15 يوليو تدخلا دوليا، وكان انقلاب 28 فبراير تدخلا دوليا، وكانت المخططات الرامية لإعادة رسم حدودنا من خلال تنظيم بي كا كا الإرهابي تدخلات دولية، وكان مشروع إعداد "جبهة تركيا" في شمال سوريا مشروعا دوليا، وكان سيناريو تقسيم أربع دول مرة واحدة من خلال خريطة حاميات عسكرية يخطط لإنشائها في تلك المنطقة مشروعا غربيا دوليا، فعلينا تشكيل خطوط المقاومة والتصدي لكل هذه الهجمات والمخططات من خلال حلقات التحالف الدولي.

تركيا كبرت كثيرا وستكبر أكثر

إذا كانوا يأتوننا بالائتلافات ويتدخلون بالتعاون مع عشرات الدول، فعلينا نحن أيضا التحرك بالتنسيق مع جميع دول المنطقة. إن تركيا دولة قوية للغاية، دولة قويت ونمت بسرعة هائلة، دولة تشهد اتساعا للفعاليات التي تمارسها وترهب مهندسي جميع تلك المشاريع. لكن يكمن الظفر في هذا الصراع بفضل تركيا قوية وشرق أوسط قوي.

لم تعد نماذج الدولة القومية كافية من أجل منطقتنا التي يعاد رسم ملامحها وكذلك عالم المستقبل التي يعاد تشكيل خريطة قواه جديد من.

ولم تعد أي دولة لا شرقية ولا غربية تفضل طريقة مقاومة عالم المستقبل من خلال نموذج كهذا.

ينبغي لتركيا تحريك "محيطها" ذلك ...

هناك بعض الدول المتعطشة لامتلاك القوة وتسعى بشتى الطرق لنقل طموحاتها وبيئتها التي كانت في الماضي إلى الحاضر ونقل مفهوم الدولة الضيقة للقرن العشرين إلى الخارج، بل وتوسيع نطاقه. وأما الدول التي ليس لديها "محيط" كهذا فيحاول بعضها تشكيل القوى عن طريق تعزيز قدرات اليمين المتطرف.

لكن تركيا تعتبر واحدة من أكثر البلدان التي تمتلك محيطا واسعا. فهي دولة لها أثر وإرث في 3 قارات، كما أن لديها "محيط" وأصدقاء، وليس هناك أي دولة في المنطقة تتمتع بشيء كهذا. وإذا كانت هذه الأرض التي كانت قلعة للمقاومة منذ أيام السلاجقة وكان هذا الشعب الذي شكل الجينات السياسية للرقي سيرتقي جديد من، فعليه أن يحرك هذا "المحيط".

علينا التحرك بمفهوم "الأمة" الذي يتخطى حدودنا

إنهم يحاولون حبس تركيا داخل الأناضول، لأنهم يعلمون أنهم لو نجحوا في ذلك، لو سيطروا على تركيا، فسيسطرون على المنطقة بأسرها. ويعتبر من أكبر مخططاتهم "الإرغام على العودة إلى القرن العشرين وحبسنا من جديد داخل حدود دولتنا القومية".

لكننا نعلم أننا لن نستطيع الصمود في وجهة عاصفة القرن الحادي والعشرين بهذه الصيغة، وأن علينا التحرك بمفهوم "الأمة" التي يتخطى حدود تركيا، وندرك أنه ينبغي لنا تأسيس هوية إقليمية مشتركة ونشر شعاع الكفاح في جميع أرجاء المنطقة.

ولهذا السبب تحديدا نصارع الإرهاب والجبهة الدولية في عفرين، ونتحرك سريعا بين شرق أفريقيا جنوبا والبلقان شمالا والشرق الأوسط غربا إلى وسط آسيا شرقا.

قوّتك بقدر امتداد يديك

عالم المستقبل سيكون صعبا للغاية، وسنرى أنه حتى الدول التي تعيش اليوم في رفاهية ولا تعاني أي مشاكل أمنية ستنقلب رأسا على عقبا. فستتشكل مناطق صراع من منطقة إلى أخرى، لا من دولة إلى أخرى، وسرعان ما ستتسع رقعة هذه المناطقة، لتؤدي إلى ما يشبه تأثير الصدمة. والاستعداد لعالم كهذا يحتم علينا كسر القوالب والروتين والتحرك بشكل استثنائي، بل وتوقع هذه الأمور والاستعداد لأسوأها.

إن تركيا تسعى لفعل هذا، وتعلم أن كل الهجمات والموجات الإرهابية ومحاولات الحصار التي تتعرض لها من خارج حدودها إنما هي “مشروع دولي”. وتعلم كذلك أن حقبة إيقاف التهديدات فقط عند النقطة صفر من الحدود قد انتهت، وأنها ستكتسب القوة بقدر مدها ليدها إلى أبعد النقاط.

“تركيا القوية” لا تكفينا، لا بد كذلك من “منطقة قوية”…

إن تركيا تكتسب قوة في الداخل. ولقد تشكل محور مقاومة مجتمعي ضد العدو المشترك منذ 15 يوليو. ونرى هذا كذلك في عملية عفرين. فتنظيم بي كا كا تهديد خارجي ينظر إليه على أنه سلاح أمريكي-أوروبي، ولهذا يعتبر الكفاح في شمال سوريا دفاعا عن الوطن. فهذه الثورة الذهنية قوة كبيرة يستمد منها عقل الدولة قوته في طريقه نحو أن يكون قوميا.

يمكننا إنشاء تركيا قوية، لكن هذا لن يكفينا؛ إذ علينا نشر مجالات نشاط تركيا وتشكيل “منطقة قوية”. ولن يكون الدفاع عن الأناضول ممكنا سوى باستقرار المنطقة، كما سنقيس الدفاع عن إسطنبول من خلال قوة سراييفو غربا وبغداد شرقا.

يجب علينا اتباع خريطة طريق “تركيا قوية” ثم “منطقة قوية” ثم بعد ذلك “عالم قوي”. فقوتنا العالمية ستتشكل بقوتنا وقوة المنطقة، ولن ننسى هذا أبدا.

يجب تشكيل نقاط المقاومة في كل أرجاء المنطقة

لكن كيف تشكل قوة في هذه المنطقة؟ وما مدى إمكانية التعاون مع دول المنطقة؟ هل هناك دولة قادرة على التحرك بمفردها وتفضيل مقاومة الاحتلال الغربي؟ للأسف ليس هناك إلا عدد قليل جدا. إذن، ماذا علينا أن نفعل؟

ولو فشلنا في تحقيق هذا بالتعاون مع الدول والحكومات، فسننشئ قوة بالتعاون مع الحشود والشعوب في المنطقة المحيطة بنا، وسنشكل “نقاط مقاومة” في كل مكان تصل إليه أيدينا. فنقاط المقاومة هذه ضرورة حتمية. كما سننشر لغة خطاب وموقفا سياسيا. ولو توانت دول المنطقة عن التعاون، فسنشكل قومية إقليمية.

لم نقل “أنا” وقلنا “نحن” دائما على مر ألف عام

لقد حدث ما حدث لجميع دول المنطقة بسبب تلك “الهجمات الدولية”. تعرضت للاحتلال، الحروب الأهلية، الصراعات المجتمعية العميقة من خلال الهوية العرقية والمذهبية، الاستقطابات. وكذلك فإن جميع التدخلات التي تعرضت لها تركيا منذ 28 فبراير وحتى 15 يوليو كانت “هجمات دولية”.

لقد كافحت بلدنا تركيا دائما في الداخل، صمدت، زادت من قوتها، أسرعت من خطواتها، بدأت مرحلة صعود مدهشة. ولقد زادت حدة الصراع كلنا كبرت تركيا وزادت طموحاتها. والآن نعيش فترة تزيد فيها حدة الصراع بأقصى سرعة، ونواجه الآلاف من أوجه هذا السيناريو في شمال سوريا.

ولهذا السبب مددنا أيدينا نحو الخارج، مددناها إلى القريبين منا، فذهبنا إليهم وإلى أفئدتهم وحللنا ضيوفا عليهم. نحاول أن نذكرهم أننا “نحن”، لأننا لم نقل “أنا” أبدا في هذه المنطقة منذ ألف عام؛ إذ لأننا قلنا “نحن” كانت الدولة السلجوقية والعثمانية والجمهورية التركية.

هذا صراع القرن الحادي والعشرين، وسيرانا العالم مجددا

إننا في الواقع لا ندافع عن الوطن، بل نكافح من أجل المنطقة، نحاول إنشاء المنطقة. نرسم خريطة طريق ونشكل خط تضامن كذلك من أجل العراق وسوريا وباقي دول المنطقة. كما أننا نصل إلى الخارج ونسعى للوصول كذلك إلى أدغال أفريقيا وأمريكا اللاتينية وجنوب آسيا والمحيط الهادئ.

إن تشكيل جبهة وخط تضامن دولي شرط، ونحن نطوف العالم من أجل هذا. ولا ليفكر أحد خطأ أن خط التضامن هذا الموجود عند دول المنطقة، بل سيشكل بفضل مدن المنطقة وشوارعها وقراها. ولهذا فإننا سنبني جزء المقاومة في كل مكان تصل إليها أيدينا..

ألا نقول دوما أننا نكافح في خضم صراع القرن الحادي والعشرين؟

إننا القوة الصاعدة التي تبني التاريخ.. وسيرانا العالم مرة أخرى..