الثلاثاء 2017/07/18

إلى من يهمه الأمر .. هنا البوكمال

بحجة الحرب على الإرهاب يُسفك دم مدنيي دير الزور وتورد أشرطة الأخبار على القنوات الفضائية بعض الأرقام دون الوقوف على المجرم القاتل أو المتسبب في موتهم، ويُكتفى بالإشارة إلى أنهم يعيشون في أرض يسيطر عليها "تنظيم إرهابي".

كعادته يقابل خالد سعيد أو كما يلقبه أهل حارته "الچرخ" التلفاز ذا الصوت المنخفض خوفاً من سماع عناصر التنظيم صوته، ويتابع نشرة الأخبار...

"التحالف الدولي يقصف مزاد بيع الغنائم في مدينة البوكمال وذلك في إطار جهوده المحمودة لتجفيف الموارد المالية لتنظيم الدولة" ،،، وانتهى الخبر عند هذا الحد، على تلك الشاشة اللعينة، فضرب "الچرخ" رأسه بالحائط بقوة، مردداً.. "يا أولاد الكلب والمجزرة والناس الذين قتلوا بالقصف، ألا يعنون لكم شيئاً؟؟.. لم تجب حيطان غرفته ولا التلفاز على سؤاله الذي من حقه أن يسمع إجابة الدنيا عليه.

أطفأ تلفازه، وفتح نافذة منزله كي يتأكد من عدم وجود أي عنصر من تنظيم الدولة في الحارة، ويتأكد من أن أنوار بيت جاره "محمد الملا" الذي هاجر إلى ألمانيا واستولى أحد عناصر التنظيم عليه بحجة "رِدته وهجرته إلى بلاد الكفر".... مطفأة.. وكل هذه الحيطة وهذه الحركات تتكرر يومياً، كي يبدأ طقس تدخين سيجارته التي يعتبرها التنظيم جريمة تودي بفاعلها للسجن المؤقت واتباع دورة شرعية، يتخرج منها ليعاود ذات الطقوس قبل أن يعاود الكرّة ويشعلها في تحدٍّ لكل الأذى الذي أصابه بعد أن ألقي القبض عليه مرتين متلبِّساً وهو يدخن.

انتهى من طقسه المفضل، ووضع رأسه على تلك المخدة، وكعادته نام مباشرة وبدأ بالشخير....اختفى صوت الشخير فجأة وبدأ "الچرخ" يتحدث في نومه بلسان فصيح، وكأنه اختار في حلمه أن يكون مراسلاً تلفزيونياً ينقل الحقيقة... أسمعك جيداً وجميع المعلومات التي وردت على شاشتكم كاذبة، وسأروي ما حدث بالتفصيل : القصف استهدف منزلين لمدنيين اثنين لاارتباط لهما بالتنظيم، ولم يكن على مزاد كما زوّرتم، والشهداء الذين وصفتموهم بالإرهابيين ، لم يكونوا كذلك، فقد قتل عشرون مدنيا معظمهم نساء وأطفال، وأؤكد لكم أن سبعة عشر منهم من عائلة واحدة، دفنوا تحت ركام منزلهم، وقبل أن أنهي مداخلتي، أود أن أقول لطيار التحالف، أحسنت إصابة الهدف، ولم تقتل أي عنصر من التنظيم، وبدأ بالنشيج مع نهاية كلامه ليقول.. مراسلكم من مدينة البوكمال في أقصى الشرق السوري..."الچرخ"