الأربعاء 2018/03/14

إلى فصائل المنطقة الجنوبية.. تغدوا بالنظام قبل أن يتعشى بكم

بالتزامن مع استمرار حملة النظام بدعم روسي إيراني في الغوطة المحاصرة تدور أنباء عدة عن أن النظام يحضّرُ لعملية عسكرية في درعا، ولعل ذلك ما تجلى من خلال الغارات الجوية التي شنها على المنطقة الجنوبية للمرة الأولى منذ توقيع اتفاقية خفض التصعيد العام الماضي واستهدفت عدة بلدات في ريف درعا الشرقي، وزادت تلك التكهنات مع إعلان ما يسمى مركز المصالحة الروسي في سوريا وجود ما وصفها "تنظيمات متطرفة" في مناطق سيطرة المجموعات "المتمردة" جنوب البلاد التي قال إنها تهدد استقرار اتفاقية خفض التصعيد بشكلٍ خطير.

لكن وبنظرة دقيقة لما يجري في جنوب سوريا فإن غارات النظام وتلميحات روسيا عن معركة جديدة لا تعدو عن كونها محاولة لثني الفصائل العسكرية في الجنوب عن شن عملية عسكرية كما تردد من أنباء كثيرة قالت إنها نصرة للغوطة الشرقية ولتخفيف الضغط عنها، أيْ بمعنى أن النظام أراد إيصال رسالة أنه من خلال تلك الغارات قد يستبق الفصائل بشن هجوم على مواقعهم قبل أن يشنوا هم هجوماً على مواقعه، وهذا ما سيدفعهم إلى انتظار هجوم النظام لصده عن التقدم في الجنوب.

في الحقيقة إن المنطقة الجنوبية لم ولن تغب عن أعين النظام والاحتلال الروسي اللذين يرغبان بالوصول إلى معبر نصيب وفتح الطريق مع الأردن، لكن في هذا الوقت بالذات فإن النظام عاجزٌ عن شن عملية عسكرية في جنوب سوريا بسبب سحبه معظم المليشيات نحو الغوطة الشرقية التي دفع فيها بكل ثقله في محاولة لإنهاء العملية بأسرع وقت ممكن، فضلاً عن انشغاله بالمعركة التي أطلقتها الفصائل اليوم ضده في ريف حماة الغربي، وما شنُّ النظام للغارات على درعا إلا لعرقلة هجوم الفصائل ومحاولة تأخيره قدر المستطاع ، ومن هذا الباب فإن على الفصائل في الجنوب إن كانت فعلاً جادة بشن عملية عسكرية أن تدرك أن تأخر كل دقيقة عن تلك العملية سيؤدي إلى نتائج لا تُحمد عقباها، فالنظام المشغول الآن بالغوطة في حال فرغ منها وأنهى العمليات العسكرية بلا شك ستكون المنطقة الجنوبية إحدى وجهاته المرتقبة، والتسريع بإطلاق العملية من جانب الثوار سيمنحها ميزات عدة تصب في صالحها ، منها أنها هي من سيحدد زمن الهجوم ومكانه ، وهذا من شأنه أن يشتت النظام ويبعثر خططه التي يشير الكثير من المحليين العسكريين إلى أنها خطط حصار أخرى شبيهة بخطط تقطيع أوصال غوطة دمشق الشرقية، خصوصاً في منطقة المثلث الذي يبدأ من مدينة بصر الحرير وصولاً إلى مسيكة والبلدات الأخرى في شمال شرق درعا ، حيث يسهل على النظام حصار تلك المنطقة في حال إطلاق عملية عسكرية واسعة من محوري ريف درعا الشرقي وريف السويداء الغربي، وهذا ما يجب على الفصائل التنبه له، هذا بالإضافة إلى عدم استبعاد فرضية بدء معارك في أحياء درعا بهدف فتح الطريق نحو معبر نصيب.

أنباء المعركة في درعا كان لها صدى في واشنطن أيضاً، وكشفت "عربي 21 " أن الولايات المتحدة وجهت رسالة إلى الفصائل تطالبهم بعدم شن أي عملية عسكرية لعدم إعطاء النظام ذريعة للقصف و"القضاء على آخر معقل للمعارضة المعتدلة"، أي إن هذه الرسالة تدعو الفصائل إلى الالتزام باتفاقية خفض التصعيد في الجنوب السوري والبقاء مكتوفي الأيدي في انتظار التزام النظام وروسيا بالاتفاقية، ولا يخفى أن هذه الرسالة فخ أمريكي آخر يريد الإيقاع بالفصائل ، فكيف يمكن الاعتماد على التزام بوتين والأسد وروحاني باتفاقية لم تُوقعْ أساساً إلا بهدف تسكين منطقة على حساب تسخين أخرى بهدف القضاء عليها بشكل منفرد، وما حدث في شرق السكة والغوطة الشرقية دليل على ذلك.