الأثنين 2017/08/07

إعلام الأسد.. قتلانا في النار وقتلى التحالف في الجنة !

ما من شك أن نظام الأسد يعتبر الشعب السوري في آخر سُلم اهتماماته القائمة على بناء تحالفات تضمن وجوده اللاشرعي، وتحافظ على مصالحه وامتيازاته، هذا الكلام ليس بعد قيام الثورة السورية بل قبلها، منذ أن اعتبرت هذه الطغمة المجرمة سوريا مزرعة لها، والشعب السوري عبيداً في تلك المزرعة.

وفي إطار هذا الاستهتار بالشعب كان القمع الذي ووجهت به الثورة السورية استثنائياً بكل المقاييس، بدءاً بمرحلة القتل الفردي عبر الرصاص أو التعذيب وانتهاءً بالقتل الجماعي عبر الأسلحة المحرمة دولياً ومنها السلاح الكيميائي.

ظل نظام الأسد متفرّداً بالقتل طيلة الأعوام الثلاثة الأولى من الثورة، وهذا ما دفعه إلى أن ينسب جرائمه إلى ما يسمّيها "العصابات الإرهابية"، أو أن يعترف بالقتل تحت ذريعة "محاربة الإرهاب" وتغلغل "الإرهابيين" بين المدنيين، ولذلك صنَّف جرائمه بحق الإنسانية في قائمة "القتل النظيف"،  لكن الأمر اختلف حين تدخّل التحالف الدولي في سوريا صيف عام 2014، ثم التدخل الروسي أواخر أيلول 2015 ، حينها صار للأسد شركاء في القتل مع اختلاف الأعداد والأمكنة المستهدفة، ونظراً إلى أنه هو الذي استجلب الروس فإنه بارَكَ مجازرهم في حلب أو درعا أو المنطقة الشرقية، وأدخلها في سياق حربه المفتوحة على الإرهاب "وفق المفهوم الروسي الذي يعد كل معارضي الأسد إرهابيين".

يختلف الأمر مع التحالف الدولي الذي تدخل في سوريا دون إذن الأسد، وأقر منذ تدخله أنه لن يحارب قوات بشار ولن يساعدها في الوقت نفسه، إذ لم يرضَ الأسد عن أي جهة تحارب "الإرهاب" تحت غير لوائه وفيما لا يصب بمصلحته، ولذلك حرصت وسائل إعلامه على متابعة مجازر التحالف الدولي في دير الزور والرقة، ونددت باستهدافه للمدنيين "الأبرياء" ووصفتهم "بالشهداء"، أما عندما يكون الطيران للنظام أو حليفته روسيا فإن القتلى وإن كانوا أطفالاً فإنهم يتحوَّلون إلى قيادات ومتزعمين "للجماعات الإرهابية".

لا يمكن بأي حال من الأحوال أن نبرر جرائم التحالف الدولي في سوريا، لكن نظام الأسد لا يمكن بأي حال من الأحوال أن ينتقدها، بل هو آخر من يحق له ذلك، لأنه أولاً المسؤول الفعلي عن استجلاب كل القوى العسكرية الأجنبية إلى سوريا، ولأنه ثانياً ولَغ بدماء السوريين وقتل منهم -وفق إحصاءات متقاربة- لا يقل عن 600 ألف.

وعودة إلى الفكرة الأولى فإن نظام الأسد في هذا الإطار كذلك يتعامل مع دماء السوريين على أنها قضية إعلامية وسياسية فقط، ولهذا يصرخ إعلامه يومياً وبكل وقاحة ليقول : قتلى طائراتنا إرهابيون في النار، وقتلى مقاتلات التحالف الدولي أبرياء في الجنة !