السبت 2017/07/08

أيها اللاجئون السوريون.. الأرض لم تعد تسعكم فابحثوا عن كوكب آخر !

ربما لم يكن كافياً أن تُوصِد جميع الدول أبوابها بوجه اللاجئين السوريين، فأصبح اللعب مفتوحاً وكأنه سباق على من يستطيع أن يعمّق مأساةَ من استقر به المطاف خلال الفترة الماضية في إحدى الدول العربية أو الإسلامية، إذ شهد الأسبوع الماضي هجوما شرساً وقرارات جديدة تعسفية ضد السوريينَ في دول اللجوء.

كان الهجوم المباشر ضد اللاجئين السوريين في لبنان أكثر المواقف التي تكشف انحدار الإنسانية وتعاطف الإنسان مع الإنسان، إذ بدا الجيش اللبناني في حملته المسعورة تلك كأفعى لم تأكل طعاماً منذ شهور وأسفر هجومه الدامي عن مقتل نحو 20 مدنياً في بادئ الأمر، لينصدم الجميع بعد ذلك بالمشاهد التي ربما توازي مشاهد أفلام الزومبي المقززة حينما سلم جثامين آخرين تم اعتقالهم والتفنن في طرق تعذيبهم، فخرج أحدهم مقطوع الرأس والآخر مشوهاً لا تعرف هويته والآخر مقطعاً، فبأي ذنبٍ قتلوا هؤلاء يا ترى ومن سيقتص ممن قتلهم؟!، ولعل الجيش اللبناني الذي يتحرك بأوامر من مليشيا حزب الله أراد بتلك المشاهد نشر الرعب في قلوب من بقي من هؤلاء المنكوبين ليجبرهم على المغادرة رغم أن لبنان لا يدفع دولارا واحداً على نفقة هؤلاء بل إنه أحد المستفيدين مالياً مما يسميها الأزمة، والسوريون الموجودون في لبنان دفعوا باقتصاده إلى النهوض أكثر بسبب اضطرار الكثيرين منهم إلى العمل خارج تلك المخيمات والعيشِ بواقع الحياة هناك والذي يعد باهظاً فثمن إيجار أقل منزل ما لا يقل عن 400 دولار، وهناك عشرات الآلاف من السوريين من يدفع بذلك القدر أو أكثر، لكن كون اللاجئين السوريين معارضين لنظام الأسد ربما يكون السبب المباشر الذي يدفع لبنان إلى تنغيص معيشتهم وإجبارهم على العودة.

بالتوزاي مع الحملة الممنهجة في لبنان.. كانت هناك أصوات ردح وتجييش أخرى ضد نحو 3 مليون آخر من السوريين الذي يعيشون في تركيا، بسبب تصرفات فردية من قبل أشخاص ينبذهم الشارعُ السوري، وتبيّن أن الحملة كان من يحرّكها ويسهم بتحريض الشارع التركي هم عملاء تابعون للنظام ومنظمة فتح الله غولن المتهمة بتدبير محاولة الانقلاب الفاشل، وذلك الأمر كشفته صحيفة "يني شفق" التي أكدت أن الهاشتاغات المحرضة المسيئة للسوريين على موقع تويتر تم نشرها من حسابات تابعة لمنظمة غولن وشخصيات أخرى تدعم نظام الأسد، لكن الحكومة التركية كانت أوعى من ذلك بكثير إذ رفعت جميع الهاشتاغات المحرضة، وتتالت التصريحات التركية من قبل كبار المسؤولين التي تؤكد أن السوريين والأتراك إخوة، كما تضامنت عشرات القنوات التركية مع السوريين، لتخفف إلى حدٍ ما من الهم والحزن الذي اعترى قلوب السوريين هناك بعد أن تكالب الحاقدون كي يزيدوا محنتهم ويكبّدوا قلوبهم مزيداً من القلق والتفكير.

في السعودية كانت المحنة من نوع آخر.. فعلى الرغم من أن المملكة تقيّد عمل اللاجئين هناك بشروطٍ محددة ونطاقٍ ضيق يجعل المُرتَّبَ الشهريَّ ضئيلاً مقارنة بالمرتب الاعتيادي لأي موظف آخر "غير سوري"، إلا أنها فاجأت الجميع بقرارها القاسي الذي يُجبرُ أيَّ مقيم أجنبي في المملكة على دفع 100 ريال عن كل من يأتي بصفة زائر على اسمه كل شهر، وتتضاعف القيمة في العام الذي يليه والآخر الذي يليه لتصل إلى 300 ريال عن الشخص الواحد شهرياً ! ، ونحن نعلم جميعا أن مثل هذه القرارات لن تؤثر ضد أحد كالسوريين، فالمصريُّ والبنغالي و و و الخ .. لن يتأثروا إذْ إنَّ مجال العودة مفتوح إلى بلدانهم، لكن السوريين هناك ليس لديهم خيار آخر سوى البقاء والاضطرار لدفع تلك الأموال رغم قلة المُرتب والفاقة التي تضرب الكثيرين منهم، وأصبحَ إذاً مجردُ المكوث في السعودية بحاجةٍ إلى دفع ضريبة، وإلا فإن عقوبات قاسية ستنال ممن يرفض أو ينبس ببنت شفه، وكأن قوله تعالى {{ إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده}} قد غُيِبَ عن العمل به في المملكة أو أنها أصبحت تأخذ ببعض الكتاب وتكفر ببعض ؟ !.

خلاصة الحديث يبدو أن وضع اللاجئين قد يشهد مزيداً من التنصل الإنساني والأخلاقي وموجات الغضب والتضييق ما بين الفينة والأخرى في قادم الأيام، لتقول للسوريين إن عليكم أن تجدوا بَلماً أو سفينةً فضائيةً أو أي طريقة تهريبٍ للوصول إلى كوكب غير هذا الكوكب الذي يتعفن يوماً بعد يومٍ ويعلو فيه قدر الرديء ويُحط من شأن الكريم الذي سجّلَ التاريخ أنه لم يخذل ملهوفاً قط في رخائه وحتى إملاقه !