السبت 2018/06/02

ماذا تعرف عن “المسار السري” الذي يقوده رجل إماراتي لإيجاد حل سياسي في سوريا؟

لم تفلح الأمم المتحدة ولا الدول الخمسة الدائمة العضوية فيها من إيجاد حل سياسي لما يحدث في سوريا، ويرى مراقبون أن مفاوضات جنيف بين النظام والمعارضة وصلت إلى طريق مسدود، وهو الأمر الذي يمنع المبعوث الأممي ستافان دي ميستورا من إقامة أي جولة مفاوضات جديدة بعد تسع جولات متقطعة منذ عام ٢٠١٤، خشية انهيارها بشكل كامل.

 

واستعان المبعوث الأممي بكل من روسيا وتركيا من أجل إحداث ثقب صغير في المفاوضات عبر سلة الدستور، حيث تم الإعداد لمؤتمر "سوتشي" الذي انتهى بالاتفاق على تشكيل لجنة دستورية ووضع عهدتها لدى الأمم المتحدة. لكن منذ ذلك الوقت لم يتمكن المبعوث الأممي من تشكيل اللجنة، بسبب تضارب الآراء فالمعارضة السورية تعتقد إنه يجب بحث عملية وضع دستور جديد كلياً للبلاد، فيما يرى النظام أن الدستور الحالي الذي وضع عام ٢٠١٢ هو المُعتمد ويرفض تغييره ويقبل كحد أقصى إعادة النظر في بعض مواده وإصلاحه، وهو ما وضع الشكوك أيضاً حول القدرة على المضي في هذا المسار.

 

المسار السري

وبالتزامن مع كل ذلك يجري الحديث عن مفاوضات أخرى تسري في الخفاء تحت مسمى "الحوار السوري - المسار الثاني" أو "مسار الشيخ" نسبة إلى سلمان الشيخ وهو باحث إماراتي من أصل باكستاني يشرف على تلك اللقاءات السرية، والتي جرت في العاصمة السويدية ستوكهولم، وانطلقت في شباط من عام ٢٠١٧.

 

ويضم المسار شريحة واسعة من المعارضة السياسية والعسكرية تحت مسمى "مجموعة ستوكهولم"، إضافة إلى ممثلين عن النظام من بينهم مسؤولون في أجهزة المخابرات أطلق عليهم "مجموعة دمشق"، وحصلت قناة "الجسر" على الوثيقة الختامية لأعمال المجموعة والتي تم عرضها على الأمم المتحدة والأطراف الدولية والإقليمية والمحلية المشتركة في الملف السوري، والتي تدعو إلى إطلاق حوار سوري على أساس "السقف المفتوح الذي لا يستثني أي موضوع من الطرح والنقاش".

 

المرجعية الدولية

حاولت المجموعة كسب صفة الشرعية الدولية من خلال ربط عملها بالقرارات الدولية الصادرة عن مجلس الأمن لحل القضية السورية وأهمها القرار ٢٢٥٤، لكن ضمن مسار جديد كلياً، حيث تقول الوثيقة إن المشاركون اتفقوا على "تشكيل مجموعة عمل تركز أساساً على تطوير مقترحات بشأن حوار سوري – سوري موسع في سياق عملية سياسية جديدة"، ولفتت إلى أن هذا الحوار "متمماً ومسانداً للجهود الدولية الحالية، ومساعد في بناء زخم تجاه التوصل لتسوية سياسية مستدامة وفق ما يدعو إليه القرار ٢٢٥٤".

 

بناء الثقة

كما تعهد المشاركون بتطبيق تدابير بناء الثقة، بحسب الوثيقة، وعلى رأسها وقف إطلاق نار كامل وشامل في كل الأراضي السورية، يستثنى منه تنظيمي "الدولة" و"النصرة"، أو الذين لا يعترفون بوحدة الأراضي السورية، إضافة إلى الإفراج عن كامل المعتقلين والمختطفين، وفك الحصار عن كل المناطق السورية وإيصال المساعدات الإنسانية لجميع المناطق دون عوائق، وأخيراً مكافحة الإرهاب والتطرف.

 

حل عقدة الأسد

عمل المشاركون في المسار السري على حل عقدة بقاء بشار الأسد من عدمه عبر تشكيل حكومة جديدة (تشترك فيها المعارضة)، ومن ثم التمهيد إلى إجراء الحوار السوري – السوري يهدف إلى التوصل لاتفاق سياسي يتمتع بقوى دستورية ويحقق الشرعيتين الوطنية والدولية وفق الآليات الدستورية، وهو ما يؤدي إلى صياغة دستور جديد وعقد حوار وطني يفضي إلى مصالحة وطنية شاملة حتى الوصول إلى الانتخابات الرئاسية بإشراف دولي.

 

وتقول الوثيقة إن "القيادة السورية (أي بشار الأسد) تغيّر الحكومة الحالية إلى حكومة تكنوقراط وفق ما يتيحه الدستور الحالي تتعامل مع الأطراف لتمهيد الأجواء للتغيير القادم ولإجراء حوار سوري – سوري"، تزامناً مع ذلك تطالب الوثيقة بتحسين الظروف الأمنية والاقتصادية وتأمين عودة المهجّرين، مقابل أن تدعم المعارضة رفع العقوبات الاقتصادية التي تمس حياة السوريين.

 

الوثيقة تدعو أيضاً إلى ضمان حقوق المواطنين من حيث حقهم بالعدالة والتمتع بالكرامة الشخصية والأمن، وذلك ضمن الحكومة الجديدة والقيادة السورية (بشار الأسد)، عبر ضمان "تنفيذ حرمة حرية وكرامة المواطن عملياً" والتأكيد على "تفعيل المواد الدستورية التي تنص على استقلالية القضاء وإشرافه على عمل الأجهزة الأمنية بما يضمن سيادة القانون"، واقترح المشاركون في إعداد الوثيقة إطار زمني مدته نحو عامين لتنفيذ كافة جوانب الاتفاق.

 

خطوات تنظيمية وإرشادية

وتضمنت الورقة شرحاً مفصلاً لخطوات تنظيم الحوار السوري – السوري، إضافة إلى أجندة إرشادية، وأوضحت أن أعضاء المجموعة يجمعون على "الأهمية المحورية" التي قد يلعبها الحوار في التوصل إلى "تسوية مستدامة للصراع، بناء على رؤية تغيير سياسي حقيقي"، برعاية كاملة من الأمم المتحدة وضمانة واشنطن وموسكو.

 

وأشارت الورقة إلى ضرورة إصدار قرار جديد ملزم من مجلس الأمن لـ "المصادقة على مخرجات الحوار وإلزام الأطراف بتطبيقه"، إضافة إلى تمثيل كافة أطراف المجتمع السوري، وأكدت على معايير النزاهة والكفاءة إلى جانب الوزن والتأثير السياسي أو الاجتماعي، ومشاركة فاعلة للنظام والمعارضة.

 

كما أوصت الورقة بوضع مبادئ عامة تضم "الميثاق الوطني أو بيان مبادئ أساسية حول شكل وصفة الدولة في المستقبل، وحماية حقوق وحريات الأفراد وكافة المكونات الاجتماعية والإثنية"، إضافة إلى الاتفاق على مبدأ فصل السلطات، وتحديد واضح للسلطات الرئاسية والمؤسسات الأمنية، وإصلاح القضاء لضمان استقلاليته، والعودة الآمنة والطوعية للاجئين وعلاقة الدولة بالدول الإقليمية والمجتمع الدولي، حتى الإعلان عن نهاية الصراع بالكامل.