الجمعة 2018/09/21

السعودية تضيّق الخناق على اللاجئين الفلسطينيين.. هل بدأ تنفيذ “صفقة القرن”؟

في خطوة تتقاطع مع المخططات الأمريكية والإسرائيلية، الهادفة لتضييق الخناق على ملايين اللاجئين الفلسطينيين، والتمهيد لتصفية قضيتهم، قررت السعودية منع دخول حملة "الوثائق" منهم إلى أراضيها، ورفضت كذلك تجديد إقامات وقبول معاملات الموجودين منهم داخل المملكة.

خطوة الرياض المفاجئة والتي لم تصدر بقرار رسمي من قبل السلطات السعودية حتى اللحظة، دخلت حيز التنفيذ الأسبوع الماضي، وكُشف عن تفاصيلها حين تعالت أصوات اللاجئين من حملة "الوثائق" داخل المملكة وخارجها، برفض السفارات السعودية ووزاراتها قبول معاملاتهم.

الأمر لم يتوقف على ذلك، بل إن الجهات المسؤولة في السعودية، طالبت هؤلاء باستبدال الوثائق الممنوحة لهم من الدول المضيفة، بجوازات سفر صادرة عن السلطة الفلسطينية.

والوثيقة الفلسطينية، هي وثيقة سفر للاجئين تصدرها الدول المضيفة لهم، مثل مصر وسوريا والعراق ولبنان، من أجل إجراءات السفر، فيما منحت الأردن هذه الفئة جواز سفر دون رقم وطني، إلا أن حاملي الوثيقة يُعانون بشكل كبير من صعوبات السفر، كما يظل التعامل معهم رهنًا للأوضاع السياسية.

وعام 1955 أصدرت الجامعة العربية، قراراً يمنع الدول العربية من السماح بالجمع بين جنسيتين عربيتين، وأنه لا تمنح الجنسية العربية للاجئ الفلسطيني حفاظاً على هويته. لذا لم تعطِ سوريا ولبنان والعراق الجنسية لهم؛ لتلافي توطينهم وإغلاق ملف قضية اللاجئين.

أبعاد خطيرة

محمد الشولي، المسؤول في المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان "شاهد" في لبنان، ومدير الإعلام فيها، يقول إن "خطوة السعودية كانت مفاجئة، وأثارت الكثير من القلق والريبة لدى ملايين اللاجئين الفلسطينيين حول العالم".

وفي تصريحات لـ"الخليج أونلاين"، يؤكد أن الأمر المقلق من هذا القرار الذي وصفه بـ"المخيف"، هو تزامنه مع المشاريع الأمريكية والإسرائيلية التي تهدف لتشديد الخناق على اللاجئين الفلسطينيين، والسعي من خلال مبادراتهم ومخططاتهم إلى "تصفية قضية اللاجئين وإنهاء وجودها".

وعن تفاصيل القرار السعودي، يوضح الشولي، أنه ومنذ أسبوع تقريباً وصلت مؤسسة "شاهد" الحقوقية، العشرات من شكاوى اللاجئين الفلسطينيين داخل السعودية وخارجها، وخاصة اللذين في لبنان ومخيماتها، مفاده أن السعودية ترفض "وبشكل قاطع" التعامل مع معاملاتهم لأنهم من حملة "الوثائق".

ويضيف: "المؤسسات السعودية الرسمية أبلغت اللاجئين بأن عليهم الحصول على جواز سفر صادر من السلطة الفلسطينية، مقابل التعامل مع معاملاتهم الرسمية، ودون ذلك فلن يقبل منهم أي شي".

ويوضح الشولي أن المعاملات المتوقفة الآن شملت كل شي حتى إخراج الأوراق وتسجيل الأولاد ووصلت لمنع تجديد الإقامات للاجئين.

ولفت إلى أن "شاهد" وبعد وصل مكتبها هذا الكم الكبير من الشكاوى، بدأت باتصالاتها وتحركاتها مع الجهات الرسمية السعودية، لاستعلام الأمر وإيجاد مبررات توضح سبب التعامل به، مؤكدًا أنه حتى اللحظة لا يوجد رد رسمي، غير بعض الحديث الذي صدر بان أجهزة الحاسوب الخاصة بهم لا تقرأ تلك الوثائق.

واعتبر هذا المبرر غير مقنع وغير واقعي، مؤكداً "وجود تعميم للسفارة السعودية بعدم استقبال أي لاجئ فلسطيني يحمل وثيقة".

وحذر المسؤول الحقوقي، من تعميم هذا القرار ليشمل باقي اللاجئين في الدول العربية الأخرى بعد أن كان يستهدف فقط لاجئي لبنان والأردن، وأن تتعامل به باقي السفارات العربية والأجنبية، مؤكداً أن توقيته وهدفه الخفي يثير الكثير من القلق والشك لدى اللاجئين وكافة المؤسسات الحقوقية والإنسانية.

وناشد الشولي السلطة ووكالة الغوث وتشغيل اللاجئين "أونروا"، والمؤسسات الدولية الراعية للاجئين وحقوق الإنسان، بالتدخل العاجل لإلغاء القرار، ودعم اللاجئين والتكفل بهم بدلاً من تشديد الخناق عليهم.

وأكد فلسطينيون من حملة "الوثيقة"، والذين حاولوا خلال الفترة الماضية الحصول على تأشيرة للسعودية، أن الرياض رفضت منحهم تأشيرات عمرة أو حج أو حتى إقامة وزيارة. وأكدت هذه الشكاوى تصريحات أدلى بها أصحاب شركات حج وعمرة عاملة في الأردن والضفة الغربية ولبنان.

وبحسب معلومات للخليج أونلاين، فإن القرار السعودي يشمل جميع حملة الوثيقة في كافة الدول العربية، ولا يقتصر فقط على حملتها من لبنان والأردن.

قرار عنصري

وخلال الشهور الأخيرة أصدرت السعودية، عدّة قرارات واعتمدت سياسات جديدة في التعامل مع الفلسطينيين المُقيمين والوافدين، في مقدمتها فرض "رسوم" جديدة على الإقامة، عدا عن مزيدٍ من التعقيد على الإجراءات والمعاملات الرسمية، وصولاً إلى القرار الأخير برفض التعامل مع حملة الوثيقة بشكل عام.

وهذا الأمر لا يُمكن فصله عن محاولات تصفية قضية اللاجئين التي تسعى السياسة الأمريكية الحالية إلى محوها، في إطار تنفيذ "صفقة القرن".

واستنكرت الهيئة الدولية لمراقبة إدارة السعودية للحرمين، القرار، قائلة: "ليس من حق النظام السعودي منع أو حرمان أي مسلم من تأدية العبادات بناءً على هويته وجنسيته؛ لأن الحرمين ملك لجميع المسلمين في العالم وليس لفئة او جنسية معينة".

ووصفت الهيئة القرار بـ"العنصري"، مطالبة المجتمع الدولي ومؤسسات حقوق الإنسان "بالتدخل فوراً لوقف تحكم السعودية في العبادات وتقييد حريات الأفراد وخاصة حقهم في ممارسة عبادتهم بحرية ودون قيود".

"هذا القرار الخطير، قد يكون مقدمة من قبل الدول العربية وعلى رأسهم السعودية، لتمرير مشروع توطين اللاجئين الفلسطينيين، داخل الدول التي يقيمون فيها". والحديث هنا، لرئيس دائرة شؤون اللاجئين في حركة "حماس"، عصام عدوان.

ويضيف عدوان لـ"الخليج أونلاين"، "الدول العربية بدأت تستجيب فعلياً لمخططات الأمريكية الخبيثة التي تهدف لتوطين اللاجئين، والقرار السعودي هو جزء من السياسة الأمريكية في التضييق على اللاجئين، وسحبهم نحو مربع التوطين الخطير".

ويتابع عدوان حديثه "هذه الخطوة مخالفة تماماً للقرارات العربية التي تتعلق بحقوق ومعاملة اللاجئين الفلسطينيين حملة الوثيقة، لكن ما يجري على الأرض من قبل بعض الدول العربية، سيكون مقدمة لخطر أكبر سيمس قضية اللاجئين، ويتقاطع تماماً مع المخططات الأمريكية والإسرائيلية، في تضييق الخناق عليهم".

الجدير ذكره، أن القرار السعودي، جاء بالتزامن مع الجهود التي تبذلها الإدارة الأمريكية لطرح "صفقة القرن" التي تتبناها الرياض، وبدأت ملامحها في تصفية القضية الفلسطينية تتضح، حين أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نهاية العام الماضي، اعترافه بالقدس عاصمة لـ"إسرائيل"، ونقل السفارة الأمريكية إليها، وما لحقه من إغلاق مقر منظمة التحرير في واشنطن، ووقف مساعداته للسلطة الفلسطينية، ووقف كل أشكال الدعم المالي لـ"أونروا".