الأحد 2018/12/16

البطالة والفقر يرفعان الأمّية في العراق لمستويات مخيفة

مع تفشّي الفساد وغياب الرقابة وما شهده العراق من صراعات وأزمات كثيرة، منذ الغزو الأمريكي عام 2003، شهد النظام التعليمي في العراق تراجعاً كبيراً، وأدّى إلى تدهوره بالكامل وارتفاع نسبة الأمية إلى مستويات مخيفة.

وكان العراق قد خطا في سبعينات القرن الماضي خطوات كبيرة صوب مكافحة الأميّة، إلى الحد الذي دفع منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "يونسكو" إلى إعلان خلوّ العراق من الأميّة.

لكن التعليم بعد عام 2003، ونتيجة لما شهده العراق من أزمات متواصلة في كافة المجالات، أصبح في حالة يُرثى لها، حسبما أكده مسؤولون في حكومة بغداد.

وتحدث عدد من المواطنين الريفيين لـ"الخليج أونلاين" عن الأسباب التي دفعتهم لإيقاف أبنائهم عن الدراسة.

وقال المواطن أرشد الزيدي: إن "البطالة تعدّ واحدة من أكبر الأسباب التي دفعت الآباء -خصوصاً في المناطق الريفية- إلى إجبار أبنائهم على ترك مقاعد الدراسة، وأحياناً عدم دخولها أساساً".

وأوضح الزيدي أن "شبح البطالة أصاب الشباب الخريجين بالإحباط، ووصل لمرحلة الندم على الوقت الذي هُدر على الدراسة؛ في ظل حكومة لا تُعير لأصحاب الشهادات أي اهتمام".

أما المواطنة نعيمة هلال فقد علّلت سبب عدم دخول أبنائها المدارس بالظروف المعيشية الصعبة التي تعانيها هي وأولادها.

وقالت هلال في حديث لـ"الخليج أونلاين": إن "متطلّبات الدراسة كثيرة جداً ولا يمكنني توفيرها لأبنائي بسبب غلاء الأسعار"، مبيّنة أن "صعوبة المعيشة في العراق أجبرتني على إيقاف أبنائي الذين لا يتجاوز أكبرهم 10 أعوام عن الدراسة، وقمت بتشغيلهم في أحد محلات بيع زيوت السيارات".

ودعت هلال حكومة بغداد إلى "تخصيص منح مالية لطلبة الصفوف الأولية، وإعانة الأسر معدومة الدخل لمواجهة الظروف المعيشية الصعبة التي تعانيها أغلب الأسر، التي حُرم أبناؤها من أبسط الحقوق؛ وهو التعلّم".

ومن جهتها قالت عضوة لجنة التربية في مجلس محافظة بغداد، نسرين هادي، في تصريح صحفي: إن "نسبة الأميّة في العاصمة العراقية بلغت 50%، للأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 6 - 40 عاماً".

وأشارت مؤخراً إلى أن "نسبة الأميّة ارتفعت بشكل مخيف؛ بسبب الأوضاع الاقتصادية المتردّية، وغياب الرقابة، وفشل النظام التعليمي"، موضحة أن "غالبية الأميين هم من الأيتام ممن تركوا مقاعد الدراسة، أو من ذوي الدخل المحدود لإعانة عائلاتهم".

ومن جانبه قال عضو لجنة التربية والتعليم في مجلس النواب بحكومة بغداد ، قصي الياسري، في تصريح صحفي: إن "نسبة الأمية تتفاقم في البلاد رغم كل الحديث السابق عن أهمية محوها"، منوّهاً بأن "جميع المراكز التي من المفترض أن تُنشأ لهذا الغرض غير موجودة حتى الآن".

وعلل الياسري أسباب ارتفاع نسبة الأمية في العراق بـ"الأزمات التي عاشتها البلاد، وتردّي الواقع التعليمي والبطالة، وكذلك المشاكل المجتمعية المتعلّقة بالنزوح، وغيرها".

وفي هذا الإطار قال المشرف التربوي في شعبة محو الأمية في وزارة التربية، مهدي حسن: إن "نسبة الأمية في العراق تراجعت في العقود الأخيرة بشكل كبير، لكنها عادت في السنوات الماضية، وخصوصاً في المناطق المحررة؛ وذلك بسبب الأحداث الأخيرة التي شهدتها تلك المناطق بعد عام  2014، وسيطرة تنظيم الدولة على مساحات شاسعة من العراق، التي أدّت إلى أكبر موجة نزوح بشرية في تاريخ البلاد".

وأضاف في حديث لـ"الخليج أونلاين" أن جميع المناطق المحرّرة من سيطرة تنظيم الدولة تعاني من نقص كبير في المدارس ومراكز محو الأمية؛ بسبب تدمير معظمها في المعارك، في حين لم يُعَد بناؤها لغاية اللحظة، فضلاً عن عدم عودة آلاف الأسر النازحة إلى منازلهم لأسباب مختلفة"، لافتاً إلى أن "هذه الأسباب وحدها كفيلة بظهور جيش من الأميين".