الخميس 2018/02/15

موسكو نفت صلتهم بقواتها لكنها تحملت أعباءهم … تفاصيل جديدة عن “مذبحة” المرتزقة الروس في دير الزور

بينما ينكر الكرملين أي صلة رسمية بالمرتزقة الروس، يعالج العشرات منهم، ممن أصيبوا في الغارات الجوية الأميركية في سوريا، في مستشفيات عسكرية روسية.

ونقل المصابون إلى مستشفيات عسكرية في موسكو وسان بطرسبورغ، وفقا لشخصين على اتصال بهم، بعدما لقى 200 مقاتل حتفهم في الهجوم الفاشل، الذي أطلق الأسبوع الماضي، على قاعدة لقوات مدعومة أميركيا في منطقة دير الزور شرق سوريا، وفق ما ذكرت وكالة بلومبرغ الأميركية.

وترتفع أعداد القتلى، بينما يستسلم بعض المصابين لجراحهم، وفقا لأحد الشخصين.

وأنكرت روسيا أي صلة رسمية بالمرتزقة، فيما لا تتوافر أي "معلومات مفصلة" حول ما حدث، وفي حين أن هناك مواطنين من الروس في سوريا، فإنهم "لا ينتمون للقوات المسلحة الروسية"، وفقا لما قاله المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، للصحفيين في مؤتمر عقد عبر الهاتف، الأربعاء 14 فبراير / شباط عام 2018.

وتسلط الواقعة الضوء على السلاح الذي لا يعرف عنه سوى القليل في الترسانة الحربية المختلطة للكرملين. ويسمح المرتزقة، الذين انخرطوا في الصراعات التي نشبت في شرق أوكرانيا وسوريا، لروسيا أن تنفي أي انخراط رسمي في العمليات، حين تسير الأمور على نحو غير مخطط له.

وحسبما قال شخصان مطلعين على الأمر، يرتبط المقاتلون الذين انخرطوا في الهجوم، الواقع يوم 7 فبراير / شباط عام 2018، في سوريا بشركة "فاغنر" الروسية، وهي شركة مقاولات عسكرية خاصة غامضة، لديها معسكر تدريبي في قاعدة للعمليات الخاصة جنوب روسيا.

وحددت وزارة الخزانة الأميركية ديمتري يوتكين، في يونيو / حزيران من العام 2017، باعتباره رئيسا لشركة فاغنر، بينما فرضت عليه عقوبات لإرساله مقاتلين إلى شرقي أوكرانيا.

وظهر يوتكين في صورة فوتوغرافية إلى جانب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في استقبال له بالكرملين، أواخر العام 2016، تكريما له وآخرين على الخدمات التي أسدوها لروسيا، التي تلقوا مقابلها مكافآت من الدولة، وفقا لبيسكوف.

 

"طباخ بوتين"

 

وتتألف شركة فاغنر من كتائب ربما تكون تحت سيطرة يفغيني بريغوجين، وهو رجل أعمال ثري أطلق عليه لقب "طباخ بوتين"، لأن شركته تمد خدمات الطعام للكرملين، وفقا لموقع فونتانكا الإخباري الروسي.

وتلقى بريغوجين، الذي أنكر أي صلة بشركة فاغنر، عقوبات فرضتها عليه وزارة الخزانة الأميركية عام 2016، إذ قالت الوزارة إن لديه "صفقات أعمال واسعة" مع وزارة الدفاع الروسية.

وفي الصدام الذي ربما يكون الأخطر بين الأعداء السابقين في الحرب الباردة، فقد انخرط في الهجوم على دير الزور المئات من المرتزقة الروس والأوكرانيين، الذين كانوا يقاتلون لصالح قوات الأسد، وفقا للشخصين الروسيين. وقال الشخصان إن هؤلاء المقاتلين لم يكن لديهم أي غطاء جوي أو دفاع جوي متنقل للدفاع عنهم أثناء القتال.

وقدر مسؤول أميركي عدد القتلى بـ 100 شخص، والمصابين ب 200 300 إلى شخص، لكنه لم يستطع الإفصاح عن عدد الروس منهم. وربما استعان الأسد بشركة فاغنر لاستعادة وحماية أصول الطاقة السورية، في مقابل تنازلات نفطية مربحة، وفقا لتقارير إعلامية روسية.

 

مدفعية ودبابات

 

وشارك 600 مقاتل، مدعومين بدبابات ومدفعية، أغلبهم يتحدثون الروسية، في محاولة مداهمة القاعدة، وفقا لأحد الشخصين المطلعين على الأمر.

واعتمد هؤلاء على أن الولايات المتحدة لم يكن لديها إلا القليل من الوقت، لاستهدافهم دون المخاطرة بإيقاع ضحايا بين حلفائها الأكراد، لكن الضربات بدأت حين لم يكن هناك إلا نصف القوة فقط داخل القاعدة، بحسب ما ذكرته صحيفة كوميرسانت الروسية، نقلا عن رفيق سابق للمرتزقة.

وقال الجيش الروسي، إنه لا علاقة له بالهجوم، وصدقت الولايات المتحدة هذا الزعم. وقال يوري بارمين، محلل الشرق الأوسط في مجلس الشؤون الدولية الروسي، وهي مجموعة بحثية أنشأها الكرملين: "قد يكون الروس قد سمحوا بوقوع الهجوم ببساطة من أجل أن يوضحوا للأسد أنه لا يمكن أن يقوم بالأمور دون التنسيق مع موسكو".

 

خط عسكري ساخن

 

وقال مسؤولان في إدارة ترامب، إن الولايات المتحدة استخدمت خطا عسكريا ساخنا للاتصال مع الجانب الروسي، للتحذير من أن الولايات المتحدة على وشك شن غارات جوية.

وأضاف المسؤولان، اللذان تحدثا شريطة عدم الكشف عن هويتيهما، أن الروس اتصلوا بنظرائهم الأميركيين لسؤالهم عما إذا كانت الضربات قد انتهت، حتى تتمكن القوات المهاجمة من انتشال القتلى والجرحى.

وشاركت قوات شركة فاغنر في سوريا، التي يبلغ قوامها حوالي 2000 عسكري، في القتال لاستعادة مدينة تدمر القديمة في 2016 و 2017. وقال نشطاء يراقبون تطورات الحرب إن قوات فاغنر تكبدت خسائر كبيرة جراء ذلك.

ويسمح استخدام المرتزقة، الذي يظل غير قانوني في روسيا، رغم بعض الأحاديث عن تشريع ذلك، لروسيا أن تتفادى الإدلاء بتقارير عن الخسائر، وفقا لمارك غاليوتي، الزميل الباحث الكبير في معهد العلاقات الدولية في العاصمة المجرية براغ.

وأعلن رسميا أن 44 جنديا روسيا قد قتلوا في سوريا، بمن فيهم قائد الطائرة الحربية التي سقطت هذا الشهر، فبراير / شباط عام 2018، على يد مسلحين.

وقال فيتالي نومكين، المستشار الكبير للحكومة الروسية في الشأن السوري: "بالطبع من السيئ أن يقتل روس بأسلحة أميركية، وليس بوسعنا أن نقول إن لذلك أثرا جيدا على علاقاتنا". وأضاف: "نحن بصدد موقف غير معتاد"، رغم أنه لا ينبغي المبالغة في الأمر.