الجمعة 2018/06/08

قائد مليشيا الدفاع الوطني بدير الزور من القمار والمخدرات إلى الجامعة!

من المرجح أن يصبح فراس الجهام، قائد ميليشيا «الدفاع الوطني» في دير الزور، طالبا جامعيا في إحدى كليات جامعة الفرات في العام الدراسي القادم، فهو ناجح سلفا وبمعدل عال في امتحانات الثانوية العامة التي يقدمها هذه الأيام، بعد أن نجح في امتحانات الإعدادية في العام الماضي.

أمام مدرسة جميل علوان في شارع الوادي يستنفر عناصر من الميليشيا بانتظار خروج قائدهم من امتحان الفيزياء! ثم اللغة الفرنسية في اليوم التالي، قبل أن يمل الجهام ويكلف طالبا آخر باستكمال امتحاناته بدلا عنه، وفق ما يقول مقربون من قائد الميليشيا شبه الأمي الذي عمل في فرن ثم في ترويج المخدرات ثم على طاولة قمار قبل الثورة.

ويفسر هؤلاء اختياره الفرع العلمي برغبته بدخول كلية الاقتصاد! فيما لم تعرف نوايا زوجته أم علي التي تقدم هي الأخرى امتحاناتها في مدرسة سامي الجاسم بحي الفيلات.

ترفع المناسبات العامة، مثل الامتحانات، معدل الأدرينالين في دماء عناصر المخابرات والضباط والشبيحة على اختلاف ميليشياتهم، وينعكس ذلك عدوانية واشتباكات وإغلاق طرق واقتحام مدارس، وفي معظم الحالات يكون الضحايا عناصر من الشرطة المدنية أو من الطلاب العاديين والطالبات.

يوم فحص اللغة العربية استفز عناصر «الدفاع الوطني» إغلاق الشرطة المدنية شارعا يؤدي إلى تجمع مراكز امتحانية في مدرسة ذيب عنتر في حي الجورة، فبدأوا بإطلاق النار في الهواء وجر عناصر شرطة وضربهم، فيما لاذ بقية الشرطة بالمدرسة وأغلقوا الباب على أنفسهم إلى حين هدأت خواطر «الدفاع الوطني».

وأمام مدرسة بنات في حي الجورة اشتبكت الشرطة العسكرية مع الشرطة المدنية، واستخدمت الرشاشات من طرف «العسكرية» ما تسبب بحالة فوضى وفزع في قاعات الامتحان، ولم يتوقف القتال إلا بتدخل من قائد في ميليشيا «لواء القدس» الذي أمر بإرسال سيارة إسعاف لعلاج طالبات أغمي عليهن أثناء الاشتباك.

لم يستجب المحافظ عبد المجيد كواكبي، الذي يحب التقاط الصور وإبداء الأمنيات بمستقبل مشرق للطلاب، لمناشدات أطلقتها بقية عاقلة في سلك تربية دير الزور، بمكافحة مظاهر الانفلات والتصدي لاستباحة المسلحين بأنواعهم المراكز الامتحانية، أو حتى منعهم من ارتداء الزي العسكري وإدخال السلاح إلى القاعات، بل أكد «حق العسكري بأن يواصل تعليمه» في اجتماع مع مسؤولين في التربية.

رغم سيطرته وهدوء جبهات القتال في مساحات شاسعة من محافظة دير الزور، لا يستطيع النظام استئناف أي عمل عام ذي صبغة مدنية بشكل طبيعي، والامتحانات الجارية اليوم، على صورتها تلك، تتويج منطقي لعملية تعليمية فاشلة إلى أبعد الحدود. كان انتساب الكثير من طلاب المرحلة الثانوية إلى ميليشيا «الدفاع الوطني» والميليشيات الأخرى مظهرا من مظاهر هذا الفشل، خاصة مع مواصلة معظمهم الدوام إلى المدارس بالزي العسكري، وبالطريقة والأوقات التي يشاؤون.

تقول (م) وهي أم لثلاثة أطفال، أصغرهم في الصف الثاني والآخر في الرابع والآخر في الثامن، إنهم على مستوى تعليمي واحد، فما يزال الكبير أميا تقريبا و «يهجي مثل أخوته أثناء القراءة»، ولم تستطع هذه المرأة تحمل تكاليف الدروس الخصوصية التي اعتمدت عليها، بشكل كامل، قلة من الأهالي الأفضل حالا في المدينة.

في العام الدراسي 2017-2018 بلغ عدد المدارس العاملة في مدينة دير الزور (37) مدرسة، منها (22) ابتدائية و (12) إعدادية و (3) ثانويات. وبلغ متوسط ​​عدد الطلاب في الغرفة الصفية الواحدة في هذه المدارس (75) طالبا يقابلهم (4-5) معلمين في الساعة الدرسية الافتراضية الواحدة، وفق نسبة حسبها موظف في مديرية التربية ل عين المدينة. ولم يكن هذا التباين الهائل بين عدد المدارس وعدد الطلاب والمعلمين السبب الوحيد لانهيار التعليم، بل كان لتحول قسم كبير من مسؤولي مديرية التربية ومديري المدارس وموجهيها ومستخدميها وبعض المعلمين إلى موظفين أمنيين لدى فروع المخابرات، فضلا عن تنافسهم وتنازعهم وصراعاتهم على النفوذ في حالات كثيرة، دور أساسي في هذا الانهيار.