الخميس 2018/03/01

بالخرائط…نفط ديرالزور …ثمن التدخل الإيراني في سوريا

يوم بعد يوم تتكشف خيوط الحقائق في سوريا، ولكل خيط بعد وامتداد وفي بعض الأحيان قد يمثل هذا الخيط حدود الطول والعرض لبقعة معينة من الأراضي السورية تسيطر عليها روسيا وإيران الداعمتين لنظام الأسد، تُغيرها كيفما تشاء ومتى تشاء فهي من ساعدت الأسد على البقاء في السلطة حتى الآن، بقتل وتهجير سكان هذه البقعة وتدميرها وتسويتها بالأرض.

الدول الداعمة لنظام الأسد من روسيا وإيران وحتى الصين جميعها تدخلت لحماية مصالحها ومشاريعها السابقة، وللحصول على مكاسب جديدة استعمارية واقتصادية في البلاد، فالجميع يعرف ما تحتويه سوريا من خيرات وثروات اقتصادية من زراعة وصناعة ونفط وغيرها، فضلاً عن موقعها الاستراتيجي وقربها من الاحتلال الإسرائيلي.

الصراع على “كونيكو” من جديد

بعد الخسائر البشرية والمادية الكبيرة التي تكبدتها قوات النظام مدعومة بميليشيات إيرانية ومرتزقة روس، في الـ 7 من شباط الجاري، إثر قصف جوي لطائرات التحالف الدولي، عقب محاولتها الوصول إلى حقل “كونيكو” للغاز شرق الفرات والخاضع لما يسمى” قوات سوريا الديمقراطية”(قسد) الواقع في ناحية خشام (12 كم شمال شرق مدينة دير الزور)، الذي يعد من أكبر الحقول المنتجة للغاز الطبيعي في سوريا، حاولت قوات النظام مدعومة بالمليشيات الإيرانية مجدداً من الوصول إلى “كونيكو”.

مصادر محلية وإعلامية قالت إن ميليشيات من “الحرس الثوري الإيراني” و”الحشد الطائفي” و”حزب الله اللبناني” و “زينبيون” و”فاطميون” إضافة لـ ” لواء الباقر”، تمكنوا من التقدم إلى بلدتي جديد عكيدات وجديد بكارة القريبة من ” كونيكو” وسيطروا على عدد من النقاط الهامة بعد مواجهات مع عناصر  مليشيات“قوات سوريا الديمقراطية”.

ولفتت المصادر إلى أن مقاتلات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية شنت غارات على مواقع المليشيات الإيرانية التي تقدمت إلى بلدتي جديد عكيدات وجديد بكارة، ما أجبرها على التراجع إلى نقاطها التي تقدمت منها، دون ذكر تفاصيل إضافية عن خسائر بشرية ومادية في صفوف المليشيات، مضيفة أن طائرات التحالف قصف أيضا تجمعات لقوات النظام والمليشيات الطائفية الموالية لها في بلدة الصالحية مدخل مدينة دير الزور الشمالي، دون ورود مزيد من التفاصيل.

ناشطون محليون قالوا إن قوات النظام استقدمت مزيدا من التعزيزات العسكرية من ريف دير الزور الغربي باتجاه مواقعها في الريف الشرقي، مرجحين أنها تحضيرات لـ إطباق حصار محتمل على “كونيكو” من محوري جديد عكيدات والصالحية والتقدم في عمق الضفة الشرقية للنهر مسافة 10 كم، في مسعى منها للسيطرة عليه وإنعاش اقتصادها ولو بشيء قليل.

نفط ديرالزور.. فاتورة تكاليف إيران لبقاء الأسد في السلطة

مراقبون أكدوا أن الهجمات المتتالية للمليشيات الطائفية الإيرانية على حقل “كونيكو” للغاز، جاءت بعد مطالبة طهران  “بشار الأسد” بدفع ثمن حمايته وإنقاذه من السقوط، والحصول على تعويضات لما أنفقته في الحرب على مدار الأعوام الماضية، جاء ذلك على لسان المستشار العسكري للمرشد الإيراني علي خامنئي، اللواء يحيى رحيم صفوي، خلال ندوة بمعهد الدراسات المستقبلية في العالم الإسلامي، الذي أكد أن بلاده دافعت عن بقاء نظام الأسد لكن على الأسد تسديد فاتورة التكاليف.

“صفوي” الذي أوضح أن في سوريا نفط وغاز ومناجم للفوسفات، ويمكن لهذه الثروات الطبيعية تسديد فاتورة بقاء الأسد في السلطة، لافتا إلى أن بلاده بدأت حالياً بتصدير الفوسفات السوري من أجل تعويض تلك الخسائر، عارضاً على نظام الأسد إقامة اتفاقات طويلة الأمد لضمان تعويض ما خسرته إيران هناك، مشابهة لاتفاقات روسيا التي أبرمتها مع النظام  لمدة 49 عامًا، ضمنت فيها مصالحها السياسية والاقتصادية من خلال إنشاء قاعدة عسكرية وعقود اقتصادية وسياسية، وعلى إيران أن تقوم بخطوات مشابهة.

مراقبون سياسيون أكدوا على وجود صراعات إيرانية – روسية على الثروات السورية وعلى عقود إعادة الإعمار، لافتين أن طهران تسعى للحصول على مكاسب أكبر سياسيا واقتصاديا وعسكرياً من خلال إقامة قاعدة عسكرية دائمة في دمشق وحلب وديرالزور، لبقاء وصول الإمدادات العسكرية إلى مليشيا“حزب الله”، إضافة إلى أنها تسعى إلى تغيير الخريطة السكانية (الديموغرافيا) في المنطقة الشرقية على وجه الخصوص، وتحويل ما استطاعت من سكانها إلى المذهب الشيعي عبر الإغراءات المادية والسلطوية وغيرها، وإغراق الأسواق المحلية بالمنتجات الإيرانية.

 

وبعد هذه المحاولات المستمرة من قبل قوات النظام والمليشيات الإيرانية من توسيع مناطق نفوذها شرق الفرات والوصول إلى منابع النفط، يتساءل مراقبون هل ستسمح الولايات المتحدة لــ إيران ونظام الأسد من الوصول إلى غايتها.. أم ستطردهم من كامل الضفة اليسرى من نهر الفرات…