السبت 2018/06/02

أنباء عن نوايا البيت الأبيض لإخضاع القنصلية في القدس للسفير فريدمان

يبدو أن الإدارة الأمريكية الحالية تتبنى مواقف الاحتلال بالكامل وأكثر مما توقعته إسرائيل نفسها، فبعد نقل سفارتها من تل أبيب إلى القدس المحتلة كشف أمس أنها تفكّر بتوسيع صلاحيات السفير دافيد فريدمان ومنحه المزيد من السلطة على القنصلية الأمريكية التي تتعامل مع الشؤون الفلسطينية.

هذا ما أكده خمسة مسؤولين أمريكيين أمس ويعكس تحولا إضافيا في الموقف الأمريكي يجعل إقامة دولة فلسطينية في الأرض المحتلة عام 67 غاية لا تدرك.

ويعني خفض درجة استقلالية القنصلية الأمريكية العامة في القدس المحتلة المسؤولة عن العلاقات مع الفلسطينيين بشكل مباشر اعترافا أمريكيا بسيطرة الاحتلال الإسرائيلي على القدس بشطريها الغربي والشرقي.

ولذا فإن التغيير ليس فنيا وبيروقراطيا بل ينطوي على تداعيات سياسية محتملة.

وكانت القنصلية في القدس المحتلة تنقل رسائل دبلوماسية مستقلة عن السفارة في تل أبيب إلى وزارة الخارجية في واشنطن، تتعلق بالأوضاع في الساحة الفلسطينية ورصد الاستيطان وانتهاكات الاحتلال الإسرائيلي.

ومن شأن خفض استقلالية القنصلية أن يؤدي إلى المزيد من تشويه الوقائع على الأرض في الأراضي المحتلة، ووفقا لتوجهات فريدمان الصهيونية المؤيدة للاحتلال والاستيطان ونهب أراضي وموارد الفلسطينيين.

يشار الى أن الرئيس دونالد ترامب أعلن أنه لا يؤيد حلا بعينه للصراع الإسرائيلي – الفلسطيني، وأن حلولا غير «حل الدولتين» وارد، وبينها حل الدولة الواحدة، وأنه يترك الخيار لطرفي الصراع. ومع ذلك ادعت إدارة ترامب أنها بصدد طرح خطة سلام تحت مسمى «صفقة القرن».

وتأتي المداولات حول ذلك في الوقت الذي يواجه فيه فريدمان ضغطا من أجل إدخال تغييرات على القنصلية منذ وصوله إلى إسرائيل في العام الماضي.

كما يواجه سخطا متناميا في الولايات المتحدة بسبب التعليقات الحزبية وغيرها من الأفعال التي كان قد انحاز فيها علانية وبفظاظة إلى إسرائيل.

واقترح أحد كبار المشرعين الديمقراطيين أنه ينبغي إقالة فريدمان بعد أن خاض في السياسة المحلية الأمريكية نيابة عن إسرائيل، وقال لصحيفة «يسرائيل هيوم» إن الديمقراطيين فشلوا في دعم إسرائيل بقدر دعم الجمهوريين».

ومنذ عقود عملت القنصلية الأمريكية في القدس المحتلة بشكل مختلف عن كل القنصليات الأخرى تقريبا حول العالم وبدلا من تقديم التقارير إلى السفارة الأميركية في إسرائيل، تقدم تقاريرها مباشرة لوزارة الخارجية في واشنطن، معطية الفلسطينيين قناة مباشرة للتواصل مع الحكومة

الأميركية وهذا ما يرغب بتغييره الان. كما عملت القنصلية الأمريكية على تقديم الخدمات للأميركيين في المدينة وعملت بمثابة السفارة الأميركية الفعلية لدى الفلسطينيين الذين يطالبون بالشطر الشرقي من القدس عاصمة لدولة مستقلة في المستقبل.

وأصبح الوضع أكثر تعقيدا منذ أن قام ترامب بنقل السفارة إلى القدس المحتلة.

والآن تحتفظ الولايات المتحدة بسفارة في جزء من المدينة وقنصلية منفصلة على بعد أقل من 1.6 كيلومتر، مما قد يخلق ارتباكا بشأن من له السلطة المطلقة إذا، على سبيل المثال، احتاج مواطن أميركي إلى المساعدة واتجه إلى حكومة الولايات المتحدة.

ولم يتخذ قرارا نهائيا بشأن التغييرات التي يجب إجراؤها على سلسلة

القيادة في القنصلية وهو قرار تعقّده الظروف الفريدة للقنصلية. لكن مسؤولين إسرائيليين قالوا إن السفارة التي يديرها فريدمان من المتوقع أن ينتهي بها المطاف بسلطة مطلقة على القنصلية. ولم يكن المسؤولون مخولون بمناقشة هذه المسألة علنا وطلبوا عدم الكشف عن هوياتهم في أحاديثهم لصحيفة «هآرتس».

وحذر السفير الأمريكي السابق في إسرائيل دان شبيرو من أن الخطوة المذكورة من شأنها تقويض الأماني الفلسطينية بدولة مستقلة. و

تساءل في حديث لموقع «واينت» الإخباري ماذا يتوقعون أن يتحدث الفلسطينيون مع الولايات المتحدة بواسطة إرساليتها في إسرائيل؟ موضحا أن الفلسطينيين راغبون بإيصال موقفهم لواشنطن بشكل مباشر.

وأضاف «عادة ينقل القنصل تقارير حول ما يحدث في منطقته للسفير لكن القنصل الأمريكي في القدس تمتع بصلاحية تاريخية، والمثال الأقرب على ذلك هو القنصلية الأمريكية في هونغ كونغ صاحبة الصلاحيات المستقلة، فهي ترفع تقاريرها مباشرة وليس من خلال السفير الأمريكي في بكين.

وقالت مصادر رسمية لـ «وينت» إن فريدمان يسعى لبسط سيطرته الكاملة على القنصلية في القدس المحتلة، لكن وزارة الخارجية تحول دون ذلك حتى الآن رغم أن هناك حليفا له في البيت الأبيض هو مستشار الأمن القومي جون بولتون. ونوه موقع «واينت « إلى أنه من غير المعروف بعد متى تتحقق التغييرات. و

ينقل عن مصادر محلية ترجيحها بأن هناك من ينتظر استبدال القنصل في الشهر المقبل وستنجلي الصورة عندما تصل مذكرة الرئيس ترامب التي يوضح فيها للقنصل الجديد وللسفير حدود صلاحيات كل منهما.