الخميس 2018/04/12

سيناريوهات الحرب والسلام في سوريا

عودة مناخ من الحرب الباردة في نيويورك، واشنطن، باريس ولندن، مع تهديدات قوية برد غربي يستهدف نظام الأسد على استخدامه للأسلحة الكيميائية في دوما ضد المدنيين، والرئيس الأمريكي دونالد ترامب لم يستبعد أن يشمل هذا الرد المحتمل روسيا وإيران إلى جانب سوريا، كما أعلن نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون أن بلاده ستشترك مع الأمريكيين في رد عقابي على استخدام الأسلحة الكيميائية.

موسكو استخدمت حق النقض الفيتو ضد مشروع أمريكي لوضع آلية تحقيق مستقلة عن المنظمة الدولية للأسلحة الكيميائية، التي ترى واشنطن أن نتائج تحقيقها ستقتصر على تحديد استخدام أسلحة كيميائية من عدمه، دون تحديد الجهة التي استخدمتها، وعلى أي مستوى تم اتخاذ القرار.

العنوان الكبير يقول إن واشنطن وباريس ولندن مقتنعون بمسؤولية النظام وأنهم عازمون على توجيه ضربة عقابية خلال أيام، إن لم نقل بضع ساعات، وموسكو ردت أنها لن تسمح بتوجيه أي ضربات غربية إلى سوريا، بل وذهب السفير الروسي في بيروت للتأكيد على أن بلاده ستستهدف مراكز الإطلاق المحتمل للصواريخ أو الهجمات الغربية، في حال وقوعها.

مناخ حرب باردة، إذا، في هذا العنوان الكبير، ولكن الشيطان يكمن في التفاصيل، كما يقولون، ونعني التفاصيل الخاصة بتصريحات كل من ترامب، ماكرون وماي، حيث قال الرئيس الأمريكي أن ضربة أمريكية لن تقتصر بالضرورة على أهداف سورية ويمكن أن تشمل أهدافا إيرانية وروسية، بينما أوضح نظيره الفرنسي أن باريس يمكن أن تستهدف المنشآت السورية الخاصة بالأسلحة الكيميائية، فقط دون غيرها، وكان ماكرون حريصا على التأكيد أن ضربات فرنسية محتملة لن تستهدف حلفاء دمشق الروس والإيرانيين.

أما بالنسبة لموقف رئيسة الحكومة البريطانية تيريزا ماي فإنه يبدو أكثر غموضا، حيث نقل البيت الأبيض خبر مكالمتها الهاتفية مع ترامب، محددا أنهما اتفقا على ضرورة ملاحقة استخدام السلاح الكيميائي.

ويبقى السؤال في نهاية الأمر عن احتمالات أو سيناريوهات الضربة المُحتملة؟

الواضح أن موسكو تُمارس لعبة شد حبال تتراوح بين تهديدات عنيفة ودعوات للهدوء وضبط الأعصاب، ولكن هذا لن يمنع ترامب من توجيه ضربة ما لأهداف في سوريا، حتى لو كان وحيدا، ذلك إن الرئيس الذي أراد الانسحاب كليا من هذا البلد قبل أسابيع، يسعى، في الغالب لتحقيق أهداف أخرى لا علاقة لها بالأزمة السورية، ومن هنا يواجه الرئيس الفرنسي، الذي يريد حماية الاتفاق النووي مع إيران حسابات صعبة ودقيقة للغاية إذا تحالف مع البيت الأبيض الذي يريد ضرب الاتفاق، مما يعني تراجع، إن لم نقل نهاية الدور الفرنسي كوسيط ذو مصداقية في الشرق الأوسط.