الخميس 2018/04/19

الانتخابات المبكرة…”شاه مات” تركي على المؤامرات الدولية!

فاجأ الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، أمس الأربعاء، الأوساط السياسية بإعلانه إجراء انتخابات مبكرة فى ال 24 يونيو / حزيران المقبل، أي قبل أكثر من عام على موعدها المقرر في نوفمبر / تشرين الثاني 2019.

وكان من المقرر في البدء أن تجرى الانتخابات الرئاسية والبرلمانية معا، في الثالث من تشرين الثاني / نوفمبر 2019، على أن يسبقها اقتراع للبلديات في آذار / مارس من العام نفسه.

يأتي هذا التطور على خلفية دعوة كان زعيم حزب الحركة القومية قد ألقاها هو أيضا بدوره كمفاجأة، الثلاثاء الماضي، في اجتماع لنواب حزبه في العاصمة أنقرة عندما طالب الحكومة بعدم الانتظار حتى موعد 3 نوفمبر 2019 لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية، وأنه بدلا من ذلك التوجه لإجرائها في 26 أغسطس / آب 2018 العام الجاري.

تصريحات بهجلي هذه والتي كانت مفاجأة من العيار الثقيل، إذ لم يكن المعلقون السياسيون يتوقعون أن تأتي من حزب معارض كالحزب القومي والحليف الأساسي لحزب العدالة والتنمية في نفس الوقت.

من جانبها لم تتأخر الحكومة التركية في تجاوبها مع دعوة زعيم حزب الحركة القومية، فكان أن أعلنت، في نفس يوم الثلاثاء، أنها ستجري تقييما لدعوة بهجلي.

وبالفعل اجتمع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ظهر أمس الأربعاء، بزعيم حزب الحركة القومية دولت بهجلي، في المجمع الرئاسي بالعاصمة أنقرة، ضمن اجتماع مغلق في تمام الساعة 13:30 بتوقيت إسطنبول (10:30 بتوقيت غرينتش)، دام نصف ساعة فقط، عقد بعدها أردوغان مؤتمرا صحفيا أفاد خلاله أنه أجرى لقاء مثمرا للغاية مع بهجلي.

وعقب الاجتماع القصير عقد الرئيس التركي أردوغان، مؤتمرا سريعا أعلن من خلاله يوم 24 من حزيران / يوينو 2018 موعدا للانتخابات الرئاسية والبرلمانية معا، كما أفصح عن أن لقاءه مع باهجلي كان مثمرا للغاية.

وقال الرئيس التركي أيضا "سبق وأن عقدنا لقاءات عديدة مع بهجلي، لتبادل الآراء حول المستجدات الداخلية والخارجية. كما تشاورنا اليوم حول طيف واسع من المواضيع، وأتيحت لنا الفرصة أيضا لتقييم المقترح الذي طرحه بهجلي يوم أمس "الثلاثاء" بشأن الإجراء المبكر لانتخابات رئاسة الجمهورية والانتخابات البرلمانية ".

كما أوضح أردوغان أنه بفضل السبيل الذي مهده زعيم حزب الحركة القومية دولت بهجلي، أتيحت لهم الفرصة لتغيير نظام الإدارة في البلاد، وقال "إن تركيا لا تزال تدار وفقا للنظام الذي صار يسمى أعقاب الاستفتاء الذي جرى في 16 أبريل / نيسان من العام الماضي بالنظام السابق .

وعلى الرغم من أنه لا يبدو وجود أية مشاكل في البلاد بفضل الانسجام بين رئيس الجمهورية والحكومة، فإن مشاكل "النظام السابق" نراه يبرز إلى السطح. و كنا نود الصبر حتى موعد الانتخابات في نوفمبر / تشرين الثاني 2019، غير أن العمليات التي ننفذها ما وراء الحدود داخل الأراضي السورية، إضافة للأحداث ذات الأهمية التاريخية الجارية في منطقتنا، ولا سيما على محوري سوريا و العراق، باتت تحتم على تركيا تجاوز حالة الغموض في أسرع وقت ممكن ".

وأفاد رئيس الجمهورية التركي أنه بسبب المشاكل التي تواجهها البلاد، قرروا الاستجابة لنداء السيد دولت بهجلي بشأن إجراء الانتخابات المبكرة.

حيث قال أردوغان "ينبغي إزاحة موضوع الانتخابات من أجندة بلادنا خلال أقرب وقت، ولهذا قررنا إجراء الانتخابات في 24 من يونيو / حزيران العام الجاري، ونتمنى أن تجلب هذه الانتخابات الخير لشعبنا".

وأشار أردوغان إلى أنه "سيتم البدء فورا بتنفيذ الإجراءات القانونية المتعلقة بهذا الصدد". وأضاف "أن الهيئة العليا للإنتخابات ستبدأ على الفور بالاستعدادات اللازمة للانتخابات".

وبعد الإعلان عن موعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المبكرة، قال رئيس حزب الحركة القومية دولت بهجلي إن إجراء الانتخابات المبكرة من شأنه "إغلاق الباب على من يتآمرون على بلدنا".

وستشكل الانتخابات المبكرة المقبلة هذه علامة فارقة في تاريخ تركيا، حيث من المقرر بعدها البدء بتنفيذ متطلبات استفتاء أبريل / نيسان 2017 الماضي، الذي من شأنها أن ينظم عمل البرلمان بشكل أفضل والتي أقرت بتحويل نظام الحكم في تركيا من برلماني إلى رئاسي، ويعزز من صلاحيات رئيس الجمهورية في ترتيب البيت الداخلي.

وإعتبر إبراهيم قراغول رئيس تحرير صحيفة يني شفق التركي قرار إجراء الانتخابات يوم 24 يونيو / حزيران إنما هو مسألة أمن قومي بكل ما تحمله الكلمة من معنى، ليس لها علاقة بالانتخابات ونتائجها ومخاوف السياسة الداخلية.

فهذه الانتخابات ليست قاصرة على إطارها الديمقراطي فقط، بل هي ذات علاقة بكيان دولة وشعب وصعود وصمود على مدار القرن الحادي والعشرين ومواصلة الارتقاء والتحول إلى الدور الذي يكتب التاريخ، فهي انتخابات مرتبطة بتفعيل الجينات السياسية التي يرجع تاريخها إلى مئات السنين.